حیات مسیح
حياة المسيح: في التاريخ وكشوف العصر الحديث
اصناف
ولقد كمل المسيح شريعة الناموس حقا؛ لأنه جاء بشريعة الحب، وهي زيادة عليه.
إن الناموس عهد على الإنسان بقضاء الواجب، أما الحب فيزيد على الواجب، ولا ينتظر الأمر، ولا ينتظر الجزاء.
الحب لا يحاسب بالحروف والشروط، والحب لا يعامل الناس بالصكوك والشهود، ولكنه يفعل ما يطلب منه ويزيد عليه، وهو مستريح إلى العطاء غير متطلع إلى الجزاء.
بهذه الشريعة - شريعة الحب - نقض المسيح كل حرف في شريعة الأشكال والظواهر.
وبهذه الشريعة - شريعة الحب - رفع للناموس صرحا يطاول السماء، وثبت له أساسا يستقر في الأعماق.
وبهذه الشريعة - شريعة الحب - قضى على شريعة الكبرياء والرياء، وعلم الناس أن الوصايا الإلهية لم تجعل للزهو والدعوى والتيه بالنفس، ووصم الآخرين بالتهم والذنوب، ولكنها جعلت لحساب نفسك قبل حساب غيرك، وللعطف على الناس بالرحمة والمعذرة، لا لاقتناص الزلات واستطلاع العيوب.
وفي اعتقادنا أن «شخصية» السيد المسيح لم تثبت وجودها التاريخي وجلالها الأدبي بحقيقة من حقائق الواقع كما أثبتتها بوصايا هذه الشريعة؛ شريعة الحب والضمير.
فكل كلمة قيلت في هذه الوصايا فهي الكلمة التي ينبغي أن تقال، وكل مناسبة رويت فهي المناسبة التي تقع في الخاطر، ولا تصل إليها شبهة الاختلاق.
يلزم في شريعة الكبرياء من يتخذ الدين سبيلا إلى التعالي على الآخرين، ويلزم في شريعة الحب من يقول لذلك المتعالي على غيره المتفاني بنفسه: «لماذا تنظر إلى القذى في عين أخيك ولا تنظر إلى الخشبة في عينك؟!»
يلزم في شريعة الفرح بالعقاب، والسعي وراء العورات من يسوق المرأة الخاطئة في المواكب، ويخف إلى موقف الرجم كأنما يخف إلى محافل الأعراس.
نامعلوم صفحہ