184

حاوی لی فتاوی

الحاوي للفتاوي

ناشر

دار الفكر

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1424 ہجری

پبلشر کا مقام

بيروت

الْمُبَاحَاتِ، وَفِي مَعْنَى الْإِمَامَةِ كُلُّ وَظِيفَةٍ تَقْبَلُ الِاسْتِنَابَةَ كَالتَّدْرِيسِ وَنَحْوِهِ وَهَذَا فِي الْقَدْرِ الَّذِي لَا يَعْجِزُ عَنْ مُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ، أَمَّا فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ فَلَا إِشْكَالَ فِي الِاسْتِنَابَةِ - هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ السبكي، وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ كمال الدين الدميري فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَأَقَرَّهُ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ الشَّيْخُ فخر الدين بن عساكر مُدَرِّسًا بِالْعَذْرَاوِيَّةِ، وَالتَّقَوِيَّةِ، وَالْجَارُوخِيَّةِ - وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ بِدِمَشْقَ - وَالْمَدْرَسَةِ الصَّلَاحِيَّةِ بِالْقُدْسِ يُقِيمُ بِهَذِهِ أَشْهُرًا وَبِهَذِهِ أَشْهُرًا فِي السَّنَةِ هَذَا مَعَ عِلْمِهِ وَوَرَعِهِ قَالَ: وَقَدْ سُئِلَ فِي هَذَا الزَّمَانِ عَنْ رَجُلٍ وَلِيَ تَدْرِيسَ مَدْرَسَتَيْنِ فِي بَلْدَتَيْنِ مُتَبَاعِدَتَيْنِ كَحَلَبَ وَدِمَشْقَ، فَأَفْتَى جَمَاعَةٌ بِجَوَازِ ذَلِكَ، وَاسْتُنِيبَ مِنْهُمْ قَاضِي الْقُضَاةِ بهاء الدين أبو البقاء السبكي، وَالشَّيْخُ شهاب الدين أحمد بن عبد الله البعلبكي، وشمس الدين الغزي، وَالشَّيْخُ عماد الدين الحسباني كُلُّهُمْ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالْحَنَابِلَةِ آخَرُونَ انْتَهَى.
وَأَقُولُ: قَدْ أَبَاحَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَحَمَلَةُ الشَّرْعِ مِنْ جَمِيعِ الْمَذَاهِبِ الِاسْتِنَابَةَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَصْلُحُ عَلَى انْفِرَادِهِ دَلِيلًا مُسْتَقِلًّا لِجَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْوَظَائِفِ، وَهِيَ قِسْمَانِ: قِسْمٌ تَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ، وَقِسْمٌ لَا يَجُوزُ إِلَّا مَعَ الْعُذْرِ.
وَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَفِيهِ فُرُوعٌ: الْأَوَّلُ تَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ فِي غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ، قَالَ النووي: وَلَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَا حَكَاهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ عَنْ دَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَصِحُّ وُضُوؤُهُ إِذَا وَضَّأَهُ غَيْرُهُ، وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَهُ، وَكَذَا تَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ فِي صَبِّ الْمَاءِ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَفِي إِحْضَارِهِ لِلطَّهَارَةِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ فِيهِمَا، سَوَاءٌ كَانَ لَهُ عُذْرٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ فُرُوعٍ.
الْفَرْعُ الرَّابِعُ: يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ التَّيَمُّمَ أَنْ يَسْتَنِيبَ رَجُلًا يَطْلُبُ عَنْهُ الْمَاءَ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ عُذْرٌ أَمْ لَا، قَالَ النووي: هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ، وَحَكَى الْخُرَاسَانِيُّونَ وَجْهًا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الِاسْتِنَابَةُ إِلَّا لِمَعْذُورٍ، قَالَ: وَهَذَا الْوَجْهُ شَاذٌّ ضَعِيفٌ، الْخَامِسُ: يَجُوزُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يُيَمِّمُهُ وَيَمْسَحُ أَعْضَاءَهُ بِالتُّرَابِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَفِيهِ الْوَجْهُ الْمَذْكُورُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِلَا عُذْرٍ، قَالَ النووي: وَهُوَ شَاذٌّ ضَعِيفٌ. السَّادِسُ: كَانَ الْأَصْلُ فِي الْأَذَانِ أَنْ يَكُونَ مِنْ وَظَائِفِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ كَالْإِمَامَةِ وَالْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ، وَلِهَذَا قَالَ عمر ﵁: لَوْ أُطِيقُ الْأَذَانَ مَعَ الْخِلَافَةِ لَأَذَّنْتُ فَتَفْوِيضُهُ إِلَى غَيْرِهِ اسْتِنَابَةٌ.
السَّابِعُ: الْإِمَامَةُ فِي الصَّلَاةِ أَيْضًا مِنْ وَظَائِفِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَلِهَذَا اسْتَمَرَّ الْخُلَفَاءُ دَهْرًا هُمُ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الْجَمَاعَةَ، فَتَفْوِيضُ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ اسْتِنَابَةٌ،

1 / 187