مولود أراد أبوه ذبحه، فضرب عليه بالقداح فسَلِمَ، ونُحرت عليه جمال كثيرة؟ قلنا: نعم.
قال: فهل لكما علم به ما فعل؟ قلنا: تزوَّج امرأة يقال لها: آمنة بنت وهب، تركها حاملًا وخرج. قال: فهل تعلمان وُلد أم لا؟ قال ورقة بن نوفل: أُخبرك أيّها الملك، إنّي ليلة قد بتُّ عند وثن لنا كنّا نضيف به ونعبده، إذ سمعت من جوفه هاتفًا وهو يقول "من الكامل:":
وُلد النَّبيُّ فَذَلَّتُ الأملاكُ ... وَنَأى الظلالُ وأدبرَ الإشراكُ
ثم انتكس الصنم على رأسه.
فقال زيد بن عمرو بن نُفيل: عندي خبره أيها الملك. قال: هات.
قال: إني في مثل هذه الليلة التي ذكر فيها حديثه، خرجتُ من عند أهلي وهم يذكرون حمل آمنة، حتى أتيتُ جبل ابن قيس أريد خلوة فيه لأمر رابني، إذ رأيت رجلًا ينزل من السماء، له جناحان أخضران، فوقف على أبي قُبيس؛ ثم أشرف على مكّة: ذلَّ الشيطان، وبطلت الأوثان، وولد الأمين.
ثم نشر ثوبًا معه، وأهوى به نحو المشرق والمغرب، فرأيته قد جلَّل ما تحت السماء، وسطع نور كاد أن يخطف بصري، وهالني ما رأيت. وخفق الهاتف بجناحيه حتى سقط على الكعبة، فسطع له نور أشرقت له تهامة، وقال: زكت الأرض وأدَّت ربيعها؛ وأومأ إلى الأصنام التي كانت على الكعبة، فسقطت كلَّها.
قال النجاشي: ويحكما، أخبركما عمّا أصابني. إنّي لنائم في الليلة التي ذكرتما في قبَّتي وقت خلوتي، إذ خرج عليَّ من الأرض عنق ورأس وهو يقول: حلَّ الويل بأصحاب الفيل، رمتهم طير أبابيل، بحجارة من سجِّيل، هلك الأشرم، المعتدي المجرم؛ ولد النَّبيُّ الأُمِّيُّ الحرميُّ المكِّيُّ، من أجابه سعد، ومن أباه عَنَد.
1 / 61