ثم مضى مع أبيه. فزوَّجه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة، فأقام عندها ثلاثًا، ثم إنّ نفسه دعته إلى ما دعته إليه الكاهنة، فأتاها: فقالت: يا فتى، ما صنعتَ بعدي؟ فأخبرها. فقالت: والله ما أنا بصاحبة ريبة، ولكني رأيت في وجهك نورًا، فأردتُ أن يمون فيَّ، وأبى الله إلاَّ أن يجعله حيث أراد. ثم أنشأت فاطمة تقول "من الكامل":
إني رأيتُ مَخيلةً لمعتْ ... فتلألأت بحناتمِ القطرِ
فلمائها نورٌ يضيءُ لهُ ... ما حولهُ كإضاءةِ البدرِ
ورجوتُها فخرًا أبوءُ بهِ ... ما كلِّ مَادحِ زَندِهِ يوري
لله ما زُهريّة سلبت ... ثوبيكَ ما استلبتِ وما تدري
وقلت فاطمة أيضًا "من الطويل":
بني هاشمٍ قد غادرت من أخيكمُ ... أمينةُ إذ للباهِ يعتركانِ
كما غادرَ المصباحُ عند خمودِهِ ... فتايلَ قد ميثَت له بدِهانِ
وما كلُّ ما يحوي الفتى من تلادِهِ ... بحزمٍ ولا ما فاته لتواني
فأجملْ إذا طالبتَ أمرًا فإنَّهُ ... سيكفيكهُ جَدَّانِ يعتلجانِ
سيكفيكه إمّا يدُ مُقْفَعِلَّةُ ... وإمّا يدٌ مبسوطةٌ ببنانِ
ولمّا حوت منهُ أمينةُ ما حوت ... حَوَتْ منه فخرًا ما لذلك ثانِ
حدثني أبو الحارث محمد بن مصعب الدمشقي وغيره، قال: حدثني
1 / 51