فرأيتُ في منامي رجلًا شابًا يرصد ناقتي وبيده حربة يريد أن يضعها في نحرها، فانتبهت لذلك فرعًا، فنظرتُ يمينًا وشمالًا، فلم أرَ شيئًا. فقلتُ: هذا حُلم.
ثم عُدتُ فغفوتُ، فرأيتُ في منامي مثل رؤياي الأولى، فانتبهتُ فدرتُ حول ناقتي، وإذا ناقتي ترعد.
ثم غفوتُ فرأيتُ مثل ذلك، فانتبهتُ فرأيتُ ناقتي تضطرب، فالتفتُّ فإذا أنا برجلٍ شابٍّ، كالذي رأيته في المنام، بيده حربة، ورجل شيخ ممسك بيده يرُدُّه عنها، وهو يقول "من الكامل":
يا مالكَ بنَ مهلهلَ بنَ أثارِ ... مَهْلًا فدىً لكَ مئزري وإزاري
عن ناقةِ الإنسيِّ لا تعرض لها ... واخترْ بها ما شئتَ من أثواري
ولقد بدا لي منكَ ما لم أحتسبْ ... إلاَّ رعيتَ قرابتي وذماري
تسمو إليه بحربةٍ مسمومةٍ ... تبًّا لفعلك يا أبن العقَّارِ
لولا الحياءُ وأنّ أهلكَ جيرةٌ ... لعلمتَ ما كشَّفتَ عن أخباري
قال: فأجابه الشاب وهو يقول "من الكامل":
أأردتَ أن تعلو وتُخفَض ذكرنا ... في غير مِرزِئَةٍ أبا العيزارِ
ما كان فيكم سيِّدٌ فيما مضى ... إنَّ الخيارَ همُ بنو الأخيارِ
فاقصدْ لقصدكَ يا مكيرُ إنما ... كان المجيرُ مهلهل ابن أثار
قال: فبينما هما يتنازعان إذ طلعت ثلاثة أثوار من الوحش، فقال الشيخ للفتى: قُم يا ابن أُختِ فخذ أيُّها شئت فداءً لناقة جاري الإنسيِّ.
فقام الفتى فأخذ منها ثورًا، وانصرف. ثم التفت إليَّ الشيخ فقال: يا هذا إذا نزلتَ واديًا من الأودية، فخفتَ هوله، فقل: أعوذ بالله ربَّ محمدٍ من هول هذا
1 / 43