حاشية الترتيب لأبي ستة
حاشية الترتيب لأبي ستة
ثالثها: قد يظن أن بين هذا الحديث والحديث الآتي في الوكالة من حديث أبي هريرة الذي فيه: "إن قارئ آية الكرسي عند نومه لا يقربه شيطان" معارضة، وليس كذلك، لأن العقد إن حمل على الأمر المعنوي والقرب على المعنى الحسي وكذا العكس فلا إشكال؛ إذ لا يلزم من سحره إياه مثلا أن يماسه، كما لا يلزم من مماسته أن يقربه بسرقة أو أذى في جسده ونحو ذلك، وإن حمل على المعنويين أو العكس فيجاب بادعاء الخصوص في عموم أحدهما، والأقرب أن المخصوص حديث الباب كما تقدم تخصيصه عن ابن عبد البر بمن لم ينو القيام، فكذا يمكن أن يقال: يختص بمن لم يقرأ آية الكرسي بطرد الشيطان، والله أعلم.
رابعها: ذكر شيخنا الحافظ أبو الفضل ابن الحسين في شرح الترمذي أن السر في استفتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين المبادرة إلى حل عقد الشيطان، وبناء على أن الحل لا يتم إلا بتمام الصلاة وهو واضح؛ لأنه لو شرع في صلاة ثم أفسدها لم يساو من أتمها وكذا الوضوء، وكان الشروع في حل العقد يحصل <1/144> بالشروع في العبادة وينتهي بانتهائها. وقد ورد الأمر بصلاة الركعتين الخفيفتين عند مسلم من حديث أبي هريرة فاندفع إيراد من أورد أن الركعتين الخفيفتين إنما وردتا من فعله صلى الله عليه وسلم، كما تقدم من حديث عائشة وهو منزه عن عقد الشيطان، حتى ولو لم يرد الأمر بذلك لأمكن أن يقال: يحمل فعله ذلك على تعليم أمته وإرشادهم إلى ما يحفظهم من الشيطان. وقد وقع عند ابن خزيمة من وجه آخر عن أبي هريرة في آخر الحديث: "فحلوا عقد الشيطان ولو بركعتين".
خامسها : إنما خص الوضوء بالذكر لأنه الغالب، وإلا فالجنب لا يحل عقدته إلا الاغتسال، وهل يقوم التيمم مقام الوضوء أو الغسل لمن ساغ له ذلك؟ هذا محل بحث، والذي يظهر أنه يقوم، ولا شك أن معاناة الوضوء عون كبير على طرد النوم لا يظهر مثله في التيمم.
صفحہ 139