حاشية الترتيب لأبي ستة
حاشية الترتيب لأبي ستة
قوله: «هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي» يؤخذ منه أن الوضوء ثابت لغير هذه الأمة أيضا؛ فعلى هذا يكون الذي اختصت به هذه الأمة إنما هو الغرة والتحجيل وقد تقدم الكلام على ذلك، فليراجع.
قوله: «خللوا بين أصابعكم قبل أن تخلل بمسامير من نار»، قال في القواعد: وصفة تخليل الأصابع أن يجعل باطن كفه اليسرى على ظاهر اليمنى، <1/113> وباطن اليمنى على ظاهر اليسرى، فيخللها كذلك إلى آخره، ولم يبين رحمه الله كيفية تخليل البنان مع أن قوله عليه السلام: "خللوا بين أصابعكم" شامل لأصابع الرجلين أيضا كما يؤخذ من كلام الإيضاح حيث قال: ويخللوا ما بينهن وما تحتهن لقوله عليه السلام: "خللوا بين أصابعكم في الوضوء" الحديث إلى آخره، وقال في القناطر: ويخلل بخنصر اليد اليسرى من أسفل أصابع الرجل اليمنى ثلاثا، ويبدأ بالخنصر من الرجل اليسرى إلى آخره.
والتخليل عنده في القواعد أولا من السنن، ثم قال: وقيل واجب لأنها من اليد إلى آخره، أقول: ويشهد للوجوب ظاهر قوله عليه السلام: "قبل أن تخلل بمسامير من نار" فإن العقاب إنما يتعلق بترك الواجب؛ ومن قال بوجوب التخليل مالك، لكن قال في الإيضاح: وأجمعوا أنه غير واجب وإن كان إيصال الماء إلى موضع التخليل واجبا، وفي هذا دليل على أن ما أصابه الماء من مواضع الوضوء إذا لم يمر عليه اليد مع الماء أنه يجزيه إذا جرت اليد على الأكثر منه في قول من رأى أن اليد مع الماء واجب في الطهارة إلى آخره، فكأن صاحب الإيضاح رحمه الله لم يعتد بقول المخالف، أو أراد إجماع الأصحاب، والله أعلم، فليحرر.
قوله: «لا إيمان لمن لا صلاة له» في هذا الحديث دليل لأصحابنا على أن تارك الصلاة كافر، وكذلك سائر الفرائض كما هو معلوم، والمراد كفر النفاق، وهو كفر النعمة لا كفر الشرك؛ فالإيمان المنفي هو الشرعي المركب من القول والعمل، لا الإيمان اللغوي الذي هو التصديق الذي قارنه الإقرار وهو التوحيد كما هو معلوم.
صفحہ 108