مالك يوم الدين (4) قراءة عاصم والكسائي ويعقوب ويعضده قوله وقوله: «على ما سنذكره» وهو قوله: «وإجراء هذه الأوصاف على الله تعالى» للدلالة على أنه الحقيق بالحمد لا أحد أحق به منه بل لا يستحقه على الحقيقة سواه تعالى فضلا عن أن يكون أحق به منه فإن ترتيب الحكم على الوصف يشعر بعليته له.
قوله: (ويعضده) أي ويقوي قراءة مالك بالألف، ووجه التقوية أن المالك من له قهر واستيلاء وتصرف في الأعيان المملوكة مطلقا أي سواء كانت أهلا للتكليف والانقياد كالعبيد والإماء أو لم تكن كالدواب والثياب، وسواء كان تصرفه فيها بالأمر والنهي أو بنحو البيع والاستعمال من أهل التكليف، والتملك إثبات اليد المحقة في العين المستلزم للتمكن من التصرف فيها كيف شاء وإزالة اليد المبطلة عنها. قال الراغب: الملك بالكسر كالجنس للملك بالضم فكل ملك بالكسر ملك وليس كل ملك ملكا. فبينهما عموم وخصوص مطلق.
وما في الآية مشتق من الملك بالكسر فإنه تعالى بعد ما نفى مالكية أحد في حق أحد شيئا من الأمور على سبيل العموم في الأحد المذكور في الموضعين، وفي الشيء المملوك أثبت بلام الملك في قوله: لله* أن جميع الأمور مملوكة له تعالى في ذلك اليوم لا يشاركه أحد في مالكية شيء منها، وهذا المعنى هو معنى مالك يوم الدين بالألف ولا وجه لكونه مشتقا من الملك بضم الميم لأن المقام يقتضي نفي التصرف مطلقا عن النفوس جميعا لا نفي التصرف بطريق التكليف فقط. فلما كان قوله تعالى: يوم لا تملك [الانفطار: 19] من الملك بالكسر يكون قوله: مالك يوم الدين أيضا منه لأن المراد بقوله: يوم الدين ويوم لا تملك واحد والقرآن يفسر بعضه بعضا. ويرجح المصنف قراءة ملك بدون الألف بوجوه ثلاثة: الأول أنها قراءة أهل الحرمين وهم أولى الناس بأن يقرأوا القرآن كما أنزل وقراؤهم الأعلون رواية وفصاحة ووافقهم قراء البصرة والشام وحمزة من الكوفيين، والثاني أن الآية تكون بهذه القراءة مناسبة لقوله تعالى: لمن الملك [غافر: 16] من حيث اشتراكهما في الدلالة على أنه تعالى وصف ذاته بأنه الملك يوم القيامة حيث قال على سبيل الاستفهام التقريري لمن الملك اليوم والقرآن تتناسب معانيه في الموارد، والثالث أن الملك أدل على التعظيم بالنسبة إلى المالك لأن التصرف في العقلاء المأمورين بالأمر والنهي أرفع وأشرف من التصرف في الأعيان المملوكة التي أشرفها العبيد والإماء بالبيع والشراء والاستخدام ونحوها وأن كل واحد من أهل البلد يكون مالكا لما في يده، وأما الملك فلا يكون إلا أعظم الناس وأرفعهم شأنا ولأن الملك من حيث إنه ملك أكثر تصرفا من المالك من حيث إنه مالك وأقدر على ما يريده في متصرفاته وأقوى تمكنا منها واستيلاء عليها والشخص يوصف بالمالكية بالنسبة إلى شيء قليل حقير ولا يوصف بالملكية إلا بالنسبة إلى
صفحہ 71