المعبود بحق، وهذا القدر لا يقتضي الوصفية فإن الاسم المقابل للفعل والحرف إنما يسمى باسم الصفة إذا كان موضوعا للشيء باعتبار بعض المعاني المتعلقة به من غير ملاحظة ذلك الشيء المبهم بنوع تعين وخصوصية ما من كونه إنسانا أو فرسا علما وجهلا ونحوها، فيجب أن لا يلاحظ إلا بالوجه الأعم الذي ليس فوقه عام كالشيء ولا يكون ملاحظة الذات بهذا الوجه العام ونهاية الإبهام إلا لضرورة أن المعنى لا يقوم إلا بالذات ولذلك فسروا الصفة بما يدل على ذات ومعنى معينين، والمعنى هو المقصود أو على ذات مبهمة ومعنى معين وأرادوا بالذات ما هو المستقل بالمفهومية سواء كان قائما بنفسه كالإنسان والفرس أو بغيره كالعلم والجهل، وبالمعنى ما لا يكون كذلك لاشتماله على نسبة ما وبالذات المعينة ما اعتبر فيها تعين ما شخصيا كان أو نوعيا أو جنسيا، وبالمبهمة خلافها.
والاسم بالمعنى الأول أعم ما يقال له اسم بالمعنى المقابل للصفة إذا كان موضوعا لذات معينة من غير ملاحظة ما فيه من المعاني كرجل أو فرس أو علم أو جهل أو مع ملاحظة بعض الأوصاف والمعاني إلا أن تلك المعاني ليست مقصودة بإطلاق اللفظ بل المقصود هو الذات، ويستدل على أن المقصود هو المعنى أو الذات بأن ما قصد به المعنى لا يوصف به وما قصد به الذات بالعكس. فهذا هو المعيار في التفرقة بين الاسم والصفة ولا خفاء في أن الإله من قبيل الثاني فإنه يوصف فيقال إله واحد ولا يوصف به فلا يقال شيء إله فيكون اسما لا صفة. قوله: (ثم غلب على المعبود بالحق) أي ثم غلب الإله المعرف باللام على ذات الواجب وجوده فصار علما له بالغلبة ينصرف إليه اللفظ عند إطلاقه كسائر الأعلام الغالبة. ثم أريد تأكيد اختصاص لفظ الإله به تعالى بتغييره فحذفت الهمزة منه ثم أدغم لام التعريف في لام الأصل فصار لفظ الله آكد اختصاصا بالمعبود بحق بسبب حذف الهمزة والإدغام، فالإله قبل حذف الهمزة وبعده علم للذات المقدس لكنه قبل الحذف أطلق على غيره تعالى إطلاق النجم على غير الثريا وبعده لم يطلق على غيره أصلا فإن الأعلام الغالبة تخالف الأعلام القصدية من حيث إن علمية الأعلام الغالبة اتفاقية لم يكن اختصاصها بأشهر أفراد الجنس إلا لكثرة استعمالها فيه، وذلك لا ينافي جواز إطلاقها على غيره بخلاف الأعلام القصدية فإنها بسبب كونها موضوعة ابتداء لفرد معين من أفراد الجنس لا يجوز إطلاقها على غيره. قوله: (ولأنه لا بد له من اسم يجري عليه صفاته) فإن قانون الوضع اللغوي واستعمالات العرب يقتضيان أن يسمى كل شيء من الأشياء المعتبرة باسم موضوع لذاته المخصوصة وأن يجري عليه ما فيه من المعاني والأوصاف القائمة به وإن لم يجب ذلك عقلا لجواز أن يتصور الشيء بوجه ما من غير أن
صفحہ 51