حاشية على تفسير بيضاوی
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
اصناف
ويشهد له قراة أظلم على البناء للمفعول وقول أبي تمام:
هما أظلما حالي ثمة أجليا ... ظلاميهما عن وجه أمرد أشيب
عن الأزهري أنه قال: إن أضاء وأظلم يكون لازما ومتعديا، وعن الليث أنه قال: يقال:
أظلم فلان البيت علينا إذا أسمعك ما تكرهه. إلى هنا كلامه. ثم إن المصنف جعل في كلامه «أظلم» المتعدي منقولا أي مأخوذا من ظلم الليل بكسر اللام فتكون همزة «أظلم» للتعدية وظاهر أن «أظلم» اللازم مأخوذ منه أيضا إلا أن الهمزة حينئذ تكون للصيرورة. قوله:
(ويشهد له) أي لمجيء «أظلم» متعديا قراءة «أظلم» لأن الفعل اللازم لا يبنى للمفعول.
قوله: (وقول أبي تمام) عطف على قوله: «قراءة أظلم» فإن قوله أيضا: «يشهد» لمجيء أظلم متعديا وما قبل هذا البيت قوله:
أحاولت إرشادي فعقلي مرشدي ... أم استمت تأديبي فدهري مؤدبي
هما أظلما حالي ثمة أجليا ... ظلاميهما عن وجه أمرد أشيب
والهمزة في «أحاولت» للإنكار والخطاب لعاطلة «وأم استمت» عطف على قوله:
«أحاولت» والاستيام افتعال من السوم ومعناه التطلب أي التكلف في الطلب. يخاطب العاذلة وهي المرأة اللائمة ويقول لها منكرا على محاولتها إرشاده واستيامها تأديبه: ما كان ينبغي لك الإقدام في الإرشاد والتأديب. والفاء تعليل لمحذوف أي لا تحاولي شيئا منها فإن في إرشاد العقل وتأديب تصاريف الدهر كفاية في إرشاد كل رشيد، وتأديب كل سعيد. ولو روي بالواو الحالية لم يحتج إلى تقدير معلل محذوف كذا في الحواشي الشريفية. والظاهر أنه لا حاجة إلى ارتكاب التقدير على الرواية بالفاء أيضا لجواز أن تكون الفاء تعليلا للإنكار المستفاد من الهمزة أي ما كان ينبغي لك الإقدام على إرشادي وتأديبي فإن في العقل والدهر كفاية عنهما.
ثم إنه لما ادعى أنه استرشد وتأدب من العقل والدهر توجه لسائل أن يقول: كيف أرشدك عقلك وأدبك دهرك؟ فقال مجيبا له: هما أي العقل والدهر أظلما حالي. وأراد بحاليه ما يتوارد من المتقابلين كالخير والشر والغنى والفقر والصحة والمرض والعسر واليسر والمقصود التعميم، يعني أن العقل والدهر أظلما على جميع أحوالي وكدرا عيشي في كل حال من الأحوال المتقابلة حيث تركت التوسع في المشتهيات وقنعت بما كفى وصرفت جميع أوقاتي وقوتي وهمتي إلى استكمال النفس وتهذيب الفعال والأخلاق المرضية، وكنت مسخرا منقادا لما يقتضيه عقلي ودهري حتى وصلت بذلك إلى أوج الكمال ورفعة حسن الخصال فزال عني سيىء ما قاسيت قبل ذلك من كدورات الرياضة والتقييد عن الاسترسال في مقتضيات الطبع والهوي. فالشاعر ما دام في قيد الاستكمال والتأدب كان مظلم أحوال وضيق البال
صفحہ 345