311

حاشية على تفسير بيضاوی

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

اصناف

وجمعه للحمل على المعنى وعلى هذا إنما قال بنورهم ولم يقل بنارهم لأنه المراد من إيقادها أو استئناف أجيب به اعتراض سائل يقول ما بالهم شبهت حالهم بحال مستوقد انطفأت ناره، أو بدل من جملة التمثيل على سبيل البيان والضمير على الوجهين للمنافقين. والجواب محذوف كما في قوله تعالى: فلما ذهبوا به [يوسف: 15] للإيجاز وأمن الالتباس وإسناد الذهاب إلى الله تعالى إما لأن الكل بفعله المعنى كالفوج ونحوه، أو أفرد ضمير «استوقد» نظرا إلى ظاهر اللفظ لكونه في صورة المفرد. ولما ورد أن يقال: كان مقتضى الظاهر على هذا أن يقال: ذهب الله بنارهم لأن الملائم أن يكون الذاهب عين المكتسب الحادث، فإن المعنى فلما توقدت وأضاءت ما حوله حصل له الأمن وزال خوفه بمعاينة ما حوله طفئت ناره فبقي في الظلمة خائفا متحيرا. أجاب عنه بقوله: «ولم يقل بنارهم لأنه المراد من إيقادها» فإن المستوقد إنما سعى في إيقاد النار لينتفع بضوئها كما أن المنافق إنما أظهر الإيمان طلبا لعصمة نفسه وماله من القتل والسبي، فإنه منتفع بنور الإيمان حالا وخائب عنه بزواله بالكلية مآلا. قوله: (أو استئناف) عطف على قوله: «جواب لما» وقوله: «أجيب» صفة لقوله: «استئناف» وقوله: «اعتراض» قائم مقام فاعل أجيب وقوله: «انطفأت ناره» في محل الجر على أنه صفة مستوقد وصف به للإشارة إلى أن جواب «لما» محذوف حينئذ أي حين كون ذهب الله استئنافا. والتقدير فلما أضاءت ما حوله انطفأت ناره وخمدت، إلا أنه حذف الجواب للدلالة على أن حال المستوقد وما عرض له بعد ذلك من الخوف والحيرة والحسرة والخبط في الظلمة مما لا يدخل تحت الوصف والبيان، كما حذف جواب «لما» في قوله سبحانه وتعالى في سورة يوسف عليه الصلاة والسلام: فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجب [يوسف: 15] والتقدير فعلوا ما فعلوا من الأذى: فلما حذف جواب «لما» للدلالة على أن حال المستوقد بعد ما أضاءت ما حوله مما لا يحيط به الوصف ولا يتبين بالتعبير والتقدير اتجه لسائل أن يسأل ويقول: ما وقع للمستوقد غب الإضاءة حال لا يمكن شرحها فما حال المنافقين المشابهة لحال المستوقد المذكور؟ فأجيب بأن يقال: ذهب الله بنورهم فذهاب النور وما يترتب عليه حينئذ من صفات المنافقين لا من صفات المستوقد كما هو كذلك على تقدير أن يجعل «ذهب الله» جواب «لما». ويحتمل أن يكون السؤال المتجه للسائل هو السؤال عن وجه الشبه بين حال المنافقين المشابهة وحال المستوقد، فحينئذ يكون قوله: ذهب الله بنورهم بيانا لوجه الشبه. وقول المصنف رحمه الله «ما بالهم شبهت حالهم بحال مستوقد انطفأت ناره» يصح حمله على كل واحد من السؤالين. قوله: (أو بدل من جملة التمثيل) هو أيضا معطوف على قوله: «جواب لما» وجملة التمثيل من قوله: مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت

صفحہ 317