حاشية على تفسير بيضاوی
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
اصناف
ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون (12) رد لما ادعوه أبلغ رد للاستئناف به وتصديره بحرفي التأكيد ألا المنبهة على تحقيق ما بعدها، فإن همزة الاستفهام التي للإنكار إذا دخلت على النفي أفادت تحقيقا ونظيره أليس ذلك بقادر [القيامة: 40] ولذلك لا تكاد تقع الجملة بعدها إلا مصدرة بما يتلقى بها القسم وأختها أما التي هي من طلائع القسم، وإن المقررة للنسبة وتعريف الخبر وتوسيط الفصل لرد ما في قولهم إنما نحن مصلحون من التعريض للمؤمنين والاستدراك بلا يشعرون.
وصفا قائما بهم، فيتبادر إلى الوهم أنهم يعلمون اتصافهم بذلك. إذ الظاهر أن يعلم الإنسان ما هو فيه من الصفات فدفع الوهم المذكور بقوله ولكن لا يشعرون مبالغة في جهلهم الجهل المركب لا سيما إذا تعلق بما هو من أحوال النفس فيكون في غاية القباحة، لا سيمال عند قيام دلائل واضحة وبراهين قاطعة نتبين بها المصلح من المفسد والمحق من المبطل.
قوله: (رد لما ادعوه أبلغ رد) فإنهم لما ادعو كونهم مصلحين وبالغوا فيه بإيراد الكلام على صورة الجملة الاسمية المصدرة «بإنما» الدالة على تأكيد الحكم وقصرهم أنفسهم على الصلاح، بولغ في ردهم بوجوه متعددة: الأول أنه سلك في ردهم مسلك الاستئناف فإنه لكونه منساقا إلى السامع بعد السؤال والطلب يكون أدل على تمكن الحكم في ذهنه من الذي سمعه ابتداء بلا تعب. والثاني تصدير تلك الجملة المستأنفة بكلمة «ألا» المركبة من همزة الإنكار وحرف النفي فتفيد تحقق ما بعدها لأن إنكار النفي تحقيق الإثبات، وكذلك كلمة «أما» فإنها أيضا مركبة من همزة الاستفهام التي للإنكار وحروف النفي لإفادة التنبيه على تحقق ما بعدها لكنهما بعد التركيب صارتا كلمة تنبيه. وذهب كثير من النحاة إلى أنهما لا تركيب فيهما، ونظيرهما الهمزة الداخلة على ليس في كونها لتحقيق ما بعدها فإن قوله تعالى: أليس ذلك بقادر [القيامة: 40] يفيد تحقيق قادريته وتقريرها. قوله: (ألا المنبهة) «ألا» في محل الجر على أنه بدل من التأكيد، «وأما» في محل الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف. قوله: (وإن المقررة) عطف على قوله: «الا المنبهة» أي أحدهما ألا والآخران.
قوله: (ولذلك) أي ولكونها لتحقيق ما بعدها يصدر ما بعدها غالبا بما يتلقى به القسم أي بما يجاب به. يقال: تلقاه بكذا واستقبله به أي أجابه به وما يجاب به القسم اللام «وإن» حرف النفي نحو: والله إن زيدا قائم أو لزيد قائم أو ما قام زيد، وإنما أجيب القسم باللام «وإن» لأنهما يفيدان التأكيد الذي لأجله جاء القسم فيدخلان لتقوية فائدة القسم. قوله:
(وأختها أما) جملة اسمية وقعت معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه. والطلائع جمع طليعة وهي مقدمة الجيش سميت طليعة لطلوعها قبل الجيش. استعيرت ههنا لمطلق المقدمة
صفحہ 283