لذلك، وسورة الحمد والشكر والدعاء وتعليم المسألة لاشتمالها عليها، والصلاة لوجوب قراءتها واستحبابها فيها. والشافية والشفاء لقوله عليه الصلاة والسلام: «هي شفاء من كل داء». والسبع المثاني لأنها سبع آيات بالاتفاق على ما في القرآن أو على جملة معانيه فكانت كأنها كنز واف كاف فإن الكنز هو المال المكنوز المدفون، فالمكنوز في هذه السورة إما أصول مقاصد القرآن أو جملة معانيه وهي وافية كافية في بيانها. وروي عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه قال:
نزلت فاتحة الكتاب بمكة من كنز تحت العرش. قوله: (لاشتمالها عليها) أما اشتمالها على الحمد فظاهر وأما على الشكر فلذكر بعض أفراد الشكر اللساني فيها كرب العالمين والرحمن الرحيم، وأما على تعليم المسألة فلأنه تعالى ذكر فيها قوله: اهدنا الصراط المستقيم [الفاتحة: 6] بعد تقديم الثناء عليه بما هو أهله وعلم بذلك كيفية السؤال منه تعالى وطريقه وهي البداءة بالثناء، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من بدأ بالدعاء قبل الثناء فحق أن لا يستجاب له». ومن طرقه أن لا يخص نفسه بالدعاء بل يسأل مطلوبه في حق المؤمنين كافة مثل أن يقول: اللهم اغفر لنا وارحمنا، لا اغفر لي وارحمني كما قال في هذه السورة اهدنا ولم يقل اهدني فإن الدعاء مهما كان أعم كان إلى الإجابة أقرب فإنه لا بد أن يكون في المسلمين من يستحق الإجابة فإذا أجاب الله تعالى دعاءه في حق البعض فهو أكرم من أن يرده في حق الباقي. قوله: (والصلاة) بالجر عطف على الحمد في سورة الحمد.
قوله : (لوجوب قراءتها فيها) كما ذهب إليه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، وقراءة الفاتحة في الصلاة وإن كانت واجبة عند الحنفية أيضا لأن الواجب عند الشافعية بمعنى الفرض لا عند الحنفية كما أشار إليه بقوله: «واستحبابها فيها» أي في الصلاة كما هو عند الحنفية.
قوله: (والشافية والشفاء) منصوبان بالعطف على معقول تسمى ويجوز جرهما عطفا على الحمد أي وتسمى الشافية والشفاء أيضا لقوله عليه الصلاة والسلام: «هي أم القرآن وهي شفاء من كل داء». وقال صاحب الكشاف: وسورة الشفاء والشافية بجر الشفاء ونصب الشافية ولكل وجه. قوله: (والسبع المثاني) بالنصب عطف على مفعول تسمى وعلل تسميتها بالسبع بقوله: «لأنها سبع آيات» بالاتفاق وذكر علي في التفسير أن هذه السورة ثمان آيات في قول الحسن البصري، وست آيات في قول حسين الجعفي، وسبع آيات في قول الجمهور من أهل العلم. فالحسن رحمه الله عد التسمية وأنعمت عليهم آيتين، وتركهما الجعفي، والباقون اتفقوا على أنها سبع آيات لكن أصحابنا عدوا أنعمت عليهم آية وقالوا: ليست التسمية من الفاتحة. والإمام الشافعي رحمه الله تعالى جعلها من الفاتحة ولم يجعل أنعمت عليهم آية. إلى ههنا كلامه فلا بد أن يكون مراد المصنف بالاتفاق على كونها سبع آيات
صفحہ 26