حاشية على تفسير بيضاوی
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
اصناف
هذا؟ فقال: «نعم الر» فقال حيي: هذا أكثر من الأولى والثانية فنحن نشهد إن كنت صادقا ما ملكت أمتك إلا مائتين وإحدى وثلاثين سنة، فهل غير هذا؟ فقال: «نعم المر» قال: فنحن نشهد إنا من الذين لا يؤمنون ولا ندري بأي أقوالك نأخذ. فقال أبو ياسر: أما أنا فأشهد أن أنبياءنا قد أخبرونا عن ملك هذه الأمة ولم يبينوا أنه كم يكون فإن كان محمد صادقا فيما يقول: إني لأراه يجتمع له هذا كله. فقام اليهود وقالوا: اشتبه علينا أمرك فلا ندري أبلقليل نأخذ أم بالكثير فذلك قوله تعالى: هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات [آل عمران:
7] الآية والحادي عشر أنه روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنها أقسام، وقال الأخفش:
إن الله تعالى أقسم بالحروف المعجمة إظهارا لشرفها وفضلها من حيث إنها مبادىء كتبه المنزلة بالألسنة المختلفة ومباني أسمائه الحسنى وصفاته العلى وأصول كلام الأمم بها يتعارفون ويذكرون الله تعالى ويوحدونه، ثم إنه تعالى اقتصر على ذكر بعضها والمراد هو الكل كما تقول: قرأت الحمد لله وقل هو الله أحد وتريد السورتين بتمامهما، فكأنه قال:
أقسم بهذه الحروف التسعة والعشرين إن هذا الكتاب هو ذلك الكتاب المثبت في اللوح المحفوظ. والثاني عشر أن نفس هذه الحروف وذواتها وإن كانت معتادة لكل أحد من الأميين وأهل الكتابة والقراءة إلا أن كونها مسماة بهذه الأسماء لا يعرفه إلا من اشتغل بالتعلم والاستفادة، فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها من غير سبق تعلم واستفادة كان ذلك إخبارا عن الغيب فلهذا السبب افتتح الله تعالى السورة بذكرها ليكون أول ما يقع من هذه السورة معجزة على صدقه. والثالث عشر أن هذه الحروف تدل على انقطاع كلام واستئناف كلام آخر قال أحمد بن يحيى بن ثعلب: إن العرب إذا استأنفت كلاما كان من شأنهم أن يأتوا بشيء غير الكلام الذي يريدون استئنافه فيجعلونه تنبيها للمخاطبين على قطع الكلام الأول واستئناف الكلام الجديد. وذكر الإمام وجوها أخر غير ما نقلناه عنه ثم قال: والمختار عند أكثر المحققين من هذه الأقوال أنها أسماء السور والدليل عليه أن هذه الألفاظ لا يجوز أن لا تكون مفهمة لأنه لو جاز ذلك لكانت كالتكلم مع العرب بلغة الزنج وباللفظ المهمل وليس كذلك، ولأنه تعالى وصف القرآن أجمع بأنه هدى وبيان وكون شيء من آياته غير مفهمة ينافي كون القرآن بأسره هدى، ولأنه قد وقع التحدي بالقرآن وما لا يكون معلوما لا يجوز أن يتحدى به فتعين كونها مفهمة، فلا يخلو إما أن يكون المراد بها السور التي هي مستهلها أي أول ما يقع من تلك السور من قولهم: استهل الصبي إذا صاح عند الولادة شبهت السورة بالصبي الصائح ووجه إرادة السور من هذه الفواتح كونها ألقابا للسور، وإما أن يكون المراد بها غير ذلك والثاني باطل لأن القرآن عربي بالنص فلا يجوز أن يراد بشيء من
صفحہ 134