حاشية على تفسير بيضاوی
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
اصناف
ورباعيتين وخماسيتين تنبيها على أن لكل منهما أصلا كجعفر وسفرجل وملحقا كقردد وجحنفل. ولعلها فرقت على السور ولم تعد بأجمعها في أول القرآن لهذه الفائدة مع ما قسمان: أصلي وملحق به. فالأصلي من الرباعي «كجعفر» وهو النهر الصغير ومن الخماسي «كسفرجل» والملحق بالرباعي «كقردد» وهو المكان الغليظ المرتفع والدال زائدة للإلحاق فلذلك لم تدغم. قال الجوهري: وإنما أظهر لأنه ملحق بفعلل والملحق لا يدغم. والملحق بالخماسي «كجحنفل» أصله «جحفل» فزيدت النون للإلحاق. قال الجوهري: الجحفلة لذوات الحافر كالشفة للإنسان، والجحنفل الغليظ الشفة بزيادة النون. قوله: (لهذه الفائدة) إشارة إلى ما استفيد من قوله: «ثم أنه ذكرها مفردة» إلى قوله: «ولعلها فرقت على السور» والمقصود منها الإشارة إلى جواب ما يقال من أنه لما كان تصدير السور بهذه الألفاظ لتقديم ما يدل على الإعجاز وهو أن يتلفظ الأمي الذي لم يخط ولم يقرأ بأسامي الحروف الأربعة عشر مشتملة من الفوائد واللطائف على ما يعجز عنه الحذاق المهرة في العلوم الأدبية، وكان هذا المقصود حاصلا بإيراد تلك الأسامي بأجمعها في أول القرآن كان المناسب ذكرها مجتمعة في أول القرآن ليحصل التقديم المذكور فإن المتقدم على كل سورة على تقدير تفريق الأسامي على السور إنما هو نطق الأمي ببعض من أسامي الحروف مع كونه مختصا بمن خط وقرأ لأنطقه بها مشتملة على تلك اللطائف إذ لا يمكن التفطن لتلك اللطائف إلا بعد ورود الأسماء الأربعة عشر. وأجاب عنه بأن في التفريق فوائد أخر لا تحصل بذكرها مجتمعة في أول القرآن فإن الأسماء الأربعة عشر لو ذكرت مجتمعة لم تفد أن الألفاظ المفردة توجد في الاسم والفعل والحرف، ولأن الألفاظ الثنائية توجد فيها بأربعة أوجه وكذا البواقي. غاية ما في الباب أن هذه الفوائد وتلك اللطائف لا يفهمان في أول القرآن بل يتوقف فهمهما على نزول جميع السور المصدرة بتلك الفواتح ولا ضير ولا محذور فيه. ثم ذكر للتفريق فائدة أخرى فقال: «مع ما فيه من إعادة التحدي وتكرير التنبيه والمبالغة فيه» أي في كل واحد من التحدي والتنبيه ولما كان تقديم ما يدل على الإعجاز في معنى التحدي بالقرآن والتنبيه على إعجازه كان في التفريق إعادة وتكرير لذلك التحدي والتنبيه وكان في التفريق على السور الكثيرة البالغة إلى تسع وعشرين سورة مبالغة في كل واحد منهما، ومن المعلوم أن نفس الإعادة والتكرير والمبالغة فيهما لا تصلح فائدة للتفريق إلا بملاحظة مرادها وهو تمكن المعنى المكرر وتقرره في النفس فإنه كلما ازداد تكرره زاد تقرره كما يقال: المعنى إذا تكرر تقرر. وهذا هو الوجه في كل ما جاء في القرآن مكررا سواء كان باتحاد اللفظ كقوله تعالى:
فبأي آلاء ربكما تكذبان [الرحمن: 13] وآيات غيرها. أو بدونه كما في القصص المكررة بألفاظ أخر فالمقصود منه تمكين المقرر في الأسماع والقلوب وتقريره فيها.
صفحہ 129