حاشية على تفسير بيضاوی
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
اصناف
ونحو ذلك عليها وبه صرح الخليل وأبو علي. وما روى ابن مسعود رضي الله تعالى عنه المعاني والمسميات بزمان من الأزمنة الثلاثة ولو كانت هذه الألفاظ حروفا لما دلت على معنى في أنفسها ولو كان أفعالا لكانت مدلولاتها مقترنة بأحد الأزمنة الثلاثة فتعين كونها أسماء لأنها كلمات موضوعة. واستدل عليه ثانيا بوجود خاصة الاسم فيها من التعريف والتنكير والتصغير والتوصيف والإسناد إليه والإضافة والإمالة والتفخيم الذي هو خلاف الإمالة حيث يقال: الألف وألف وأليف مفصورة أو ممدودة قلبت الواو والياء ألفا وقلبت الألف همزة، وألف التثنية وألف الإشباع وتقول: باتا بالإمالة وبالتفخيم، ولما اشتهر بين العوام حرفية تلك الألفاظ بل وقع فيها اشتباه لبعض الخواص لم يقنع المصنف في تحقيق اسميتها ببيان صدق حد الاسم عليها ووجود خواصه فيها بل أيد ذلك بأن إمامين عالمين في العلوم العربية قد صرحا بذلك وسلك في نسبة التصريح إليهما أبلغ الوجوه وآكدها حيث قال: وبه صرح الخليل «وأبو علي» بتقديم ما حقه التأخير لمجرد الاهتمام لا لقصد الحصر لأنه لا يناسب المقام. والخليل بن أحمد البصري أخذ عن أبي عمرو بن العلاء البصري أحد مشايخ القراءات السبع، وأخذ سيبويه عن الخليل، وأبو علي الفارسي كان من أكابر أئمة النحو حتى قيل: ما كان بين سيبويه وأبي علي أفضل منه، صنف كتابا كثيرة منها: كتاب الحجة على القراءات السبع. حكى سيبويه عن الخليل أنه قال يوما لأصحابه: كيف تقولون إذا أردتم أن تلفظوا بالكاف التي في «لك» والباء التي في «ضرب» فقيل: نقول كاف وباء فقال: إنما جئتم بالاسم ولم تلفظوا بالحرف وقال: إنما أقول كه وبه. فهذا تصريح منه باسمية تلك الألفاظ وإن اشتبه الحال على أصحابه حيث زعموا أنها حروف. وذكر أبو علي في كتابه المسمى بالحجة أنهم أمالوا كلمة «يا» في مثل يا زيد وهي من حروف النداء والإمالة من خواص الاسم والفعل ولا تجري في الحروف إلا نادرا على سبيل التشبيه والإلحاق كإمالة «بلى» مع أنها من حروف الإيجاب إلا أنها أشبهت الفعل من حيث استقلت جوابا وأغنت عن الجملة المذكورة في السؤال كما في قوله تعالى: ألست بربكم قالوا بلى [الأعراف: 172] أي بلى أنت ربنا وكإمالة يا النداء لكونه قائما مقام ادعو هذا معنى كلامه.
ثم قال: فإذا أمالوا كلمة لأجل الياء الواقعة قبل الألف مع أن الحرف ليس من شأنه الإمالة فلأن يميلوا الاسم الذي هو الياء من «يس» أجدر وأولى، ألا ترى أن هذه الحروف أسماء لألفاظها فقد حكم بأن الياء في «يس» اسم ثم عمم الحكم. فقال: ألا ترى أن هذه الحروف أي «يا» و «سين» وأخواتهما عبر عنها بالحروف وصرح بأنها أسماء فعلم أن إطلاق الحروف عليها تسامح من قبيل إطلاق اسم المدلول على الدال. قوله: (وما روى ابن مسعود رضي الله عنه) إشارة إلى سؤال يرد على قوله ألف ولام وميم ونحوها أسماء ومسمياتها الحروف
صفحہ 114