حاشية على تفسير بيضاوی

شیخ زادہ d. 950 AH
102

حاشية على تفسير بيضاوی

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

اصناف

سواء السبيل [المائدة: 77] عن الراغب أنه قال: إن قيل كيف أفردوا بذلك وكلا الفريقين ضلال ومغضوب عليهم، أجيب عنه بأنه خص كل فريق منهم بصفة كانت أغلب عليهم وإن شاركهم غيرهم فيما وصفوا به من صفات الذم.

قوله: (وقد روي مرفوعا) أي وقد روي هذا القول الذي ذهب إليه جمهور المفسرين مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم غير موقوف على الصحابي، وهو ما أخرجه الترمذي عن عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المغضوب عليهم اليهود والضالون النصارى». وفي مسند الإمام أحمد رحمه الله سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من هؤلاء المغضوب عليهم؟ فقال:

«اليهود» ومن هؤلاء الضالون؟ فقال: «النصارى». قوله: (ويتجه أن يقال) أي لو قيل المغضوب عليهم العصاة والضالون الجاهلون بالله لكان كلاما موجها، وإن كان مخالفا لما ذهب إليه جمهور المفسرين. قال الإمام: والأقرب أن يحمل المغضوب عليهم على كل من أخطأ في العمل، ويحمل الضالون على كل من أخطأ في الاعتقاد لأن اللفظ مطلق والتقييد خلاف الأصل. والمخطىء في العمل هم العصاة الذين تركوا العمل بما كلفوا به بالأوامر والنواهي، والمخطىء في الاعتقاد هم الجاهلون بما يجب علمه والاعتقاد به. قوله: (لأن المنعم عليه من وفق للجمع بين معرفة الحق لذاته والخبر للعمل به) عبر عن الأحكام النظرية الاعتقادية المطابقة للواقع بالحق لكونها ثابتة مطابقة للواقع وليوافق قوله فيما بعد: فما ذا بعد الحق إلا الضلال [يونس: 32] وقوله: «لذاته» متعلق بالمعرفة أي للجمع بين معرفة الحق لأجل ذاته لا للعمل فإن شأن العلم النظري أن يكون مقصودا بالذات، والذي يقصد به العمل هو العلم العملي وعبر عن هذا العلم بالأحكام العملية لا لذواتها بل للعلم بها لمعرفة الخير لكونها مؤدية إلى الخير والسعادة، وقوله: «للعمل به» أي بذلك الخير مبني على أن شأن العلم العملي أن يكون المقصود به العمل دون حصول نفسه. قوله: (والمخل بالعمل فاسق مغضوب عليه) أي مراد انتقامه قدم ذكر من أخل بالقوة العاملة مع أن من أخل بالقوة العاقلة أشنع منه لأن الإخلال بالعمل مع العلم بما يجب أن يعلم أقبح من الإخلال به مع الجهل لقوله عليه الصلاة والسلام: «ويل للجاهل مرة وويل للعالم سبعين مرة» فانقسم الناس بحسب العلم بما ينبغي والعمل به إلى أقسام ثلاثة لا يخرجون عنها لأنه: إما عالم أو جاهل، والعالم إما عامل بما علمه أو تارك فالعالم العامل هو المنعم عليه وهو المزكي نفسه عن ظلمة الجهل والعصيان فأفلح بذلك كما قال تعالى: قد أفلح من زكاها [الشمس: 9] والعالم المتبع هواه هو المغضوب عليه أي المستحق لأن ينتقم منه، والجاهل هو الضال المشار إليه بقوله تعالى: وقد خاب من دساها [الشمس: 10]. قوله: (وقرىء ولا الضألين بالهمزة)

صفحہ 108