حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي

شہاب دین احمد خفاجی d. 1069 AH
80

حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي

حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي، المسماة: عناية القاضى وكفاية الراضى على تفسير البيضاوي

في القول ولا يتخلف في الفعل ولا يخفى أنّ ما ذكر من احتمال التجوّز خلاف الظاهر كالاستهزاء، وأمّا الأفعال فقلما يخلو شيء منها من الاحتمال، وما ذكر من الأمثلة إنما صار قطعيًا لط احتف به من قرائن الأحوال، وكيف يدعى أنّ الأفعال أدلّ من الأقوال، والمرإد من المدلول هنا تعظيم المنعم ونحوه، وأعظم أفراده تعظيم الله بحمده وشكره، وأعظم أفعاله العبادة، وكلها موافقة للعادة كقيام الصلاة، وجلوسها والذهاب للحج ومباشرة أركانه، وما منها إلا والاحتمال فيه أظهر من أن يخفى بخلاف حمدت الله وشكرته وعظمته ومجدته، ولا احتمال فيه لولا التعنت والمكابرة، وما ذكر من المثل أمر ادّعائي كما هو المعروف في أمثاله، ولذا قال بعض المتأخرين في دفع ما ذكر أنّ دلالة القول على التعظيم الذي منشؤه الإنعام أظهر، فإنّ الة حل، وإن دل على التعظيم لكنه لا يدل من هذه الحيثية، والأظهر أنّ الحمد اللساني لما تحقق بذكر النعمة دون غيره، وذكر النعمة أتم في إشاعتها كان أدل انتهى. والاحتثال افتعال من الحمل تقول حملتة المتاع فاحتمله تجوّزوا به عن جواز أمرين، أو معنيين فكثر، وليس من كلام العرب، وفي الأساس من المجاز هذه الآية تحتمل وجهين، وفي المصباح الاحتمال في اصطلاح الفقهاء والمتكلمين بجواز استعماله بمعنى الوهم، والجواز فيكون لازمًا وبمعنى الاقتضاء، والتضمن فيكون متعديا مثل احتمل أن يكون كذا واحتمال الحال وجوها كثيرة انتهى. قوله: (فقال ﵊ الحمد رأس الشكر الخ) هذا الحا. يث رواه عبد الرزاق من طريقة الديلمي عت معمر عن قتادة عن عبد الله بن عمر ﵄ وانكار الطيبي له، وقوله لم يوجد في الأصول لا يلتفت إليه، وفيه دليل على أنّ الشكر يكون بغير القول كما في قوله تعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ [سبأ: ١٣] فلا عبرة بما قيل إنه غير لغويّ، ومنه علم وجه كونه أعمّ من وجه كما مرّ فتدبر. وقوله: <ما شكر الله من لم يحمده> أي لتفويته ما هو العمدة في الشكر مع تيسير مع غير تعب، ولأنه إذا لم يعترف العبد بإنعام مولاه ويثنى عليه لم يظهر منه شكر ظهورًا تاما، وإن اعتقد أو عمل لا يعذ شاكرأ لأن حقيقة الشكر إظهار النعمة، كما أن الكفران سترها. ) قلت) سئل عن الحديث السخاوي فقال بعدما مرّ إن فيه القطاعا بين قتادة وابن عمر، ولكن له شاهد عند ابن السني والديلمي أيضا من طريق يزيد بن الحباب عن عمر بن عبد الله بن أبي خثعم عن يحيى بن أبي كثير عن أنس قال: قال رسول الله كلاقي: " إنّ إبراهيم سأل ربه فقال يا رب ما جزاء من حمدك قال الحمد مفتاح الشكر والشكر يعرج به إلى عرس رب العالمين قال فما جزاء من سبحك قال لا يعلم تأويل التسبيح إلا رب العالمين ") ١ (وهو منقطع أيضا. واعلم أنّ في قوله رأس الحمد استعارة مكنية وتخييدية لأنه حقيقة الشكر إشاعة النعم والكشف عنها، فجعل بمنزلة شخص يعاون وظهوره برأسه، ونظيره مفتاح الشكر فاعرفه. قوله: (والذمّ نقيض الحمد الخ) أمّ الثاني: فظاهر قال تعالى: ﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: ٧] لأنه إظهار النعمة والكفران جحودها وسترها وهذا بناء على أن أصل معناه أظهر كمقلوبه كشر إذا أظهر أنيابه، وقيل: معناه الإمتلاء. ومنه عين شكرى أي ممتلئة، وأمّا الأوّل فلأنه الثناء بالجميل، وذكر المحاسن والذمّ ذكر القبائح وكذا المدح، فإطلاق الذمّ في مقابلته مشهور، وأمّا المدح بمعنى عد المناقب فمقابله الهجو بمعنى عذ المعايب والمراد بالنقيض المنافي، ومنافي العام منافي للخاص، فلا يرد أنه مقابل للمدح، والمثشف ﵀ غير قائل بترادف المدح والحمد، فكيف ذكر أنه نقيض الحمد، ومن وهم أنّ اشتهار الذمّ في مقابلة المدح يبطل كونه نقيض الحمد، أو كون المدح أعنم من الحمد فقد وهم، وقد مال قدس سره إلى أنّ اتحاد نقيضهما يقتضي ترادفهما كما مرّ، وقد قيل عليه أيضا إنه إن أراد بالنقيض متعارف أرباب الميزان، فظاهر أنّ الذم ليس نقيضا للحمد بذلك المعنى إذا ليس هو رفعه لوجود رفعه في صورة السكوت بدون الذمّ، وان أراد معنى الضد، فلا يلزم أن يكون للشيء ضد واحد غير متعدد البتة إن أراد به الضد المشهور، وان أراد الضد الحقيقي المعتبر فيه غاية الخلاف، فلا نسلم ذلك أيضا، وما ذكره الحكماء من أنّ ضدّ الواحد إذا كان حقيقيا يكون واد غير مسلم عند المتكلمين والحكماء

1 / 79