قوله: «لأن الأول» أي الحمد في مقابلة النعمة لفظا أو نية واجب، أي بمعنى أنه يقع واجبا، لا بمعنى أنه إذا أنعم الله تعالى على عبد بنعمة، يجب عليه أن يحمده عليها بالحمد الذي ذكره، وهو الحمد اللفظي، أو بالحمد المنوي. قوله: «بقوله» بدل مما قبله أو «الباء» فيه بمعنى «في».
قوله: «وهلم جرا» الأحسن فيه ما قاله العلامة الجمال بن هشام.
الشارح: فلا غاية للنعم حتى يوقف بالحمد عليها (وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها) إبراهيم: 34 وازداد وزاد، اللازم مطاوعا زاد المتعدي تقول: زاد الله النعم علي، فازدادت وزادت.
المحشي: بعد إطلاعه على كلام غيره فيه، وتوقفه في أنه عربي: إن معنى هلم: تعال، لا بمعنى المجيء الحسي، ولا بمعنى الطلب حقيقة، بل بمعنى الاستمرار على الشيء، وبمعنى الخبر، وعبر عنه بالطلب كما في قوله تعالى: (ولنحمل خطاياكم) العنكبوت: 12، (فليمدد له الرحمن مدا) مريم: 75.
«وجرا»: مصدر جره إذا سحبه، ببقائه مصدرا، أو جعله مؤكدة، وليس المراد الجر الحسي، بل التعميم كما في السحب في قولهم: هذا الحكم منسحب على كذا، أي شامل له، فكأنه قيل هنا: واستمر إيذان كل حمد، بزيادة النعم استمرارا أو مستمرا، كما يقال: كان عام كذا وهلم جرا، أي واستمر ذلك في بقية الأعوام.
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
صاحب المتن: ونصلي على نبيك محمد.
الشارح: «ونصلي على نبيك محمد» من الصلاة عليه المأمور بها، وهي الدعاء بالصلاة أي الرحمة عليه، أخذا من حديث: «أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا اللهم صل على محمد» إلى آخره، رواه الشيخان إلا صدره فمسلم.
والنبي: إنسان أوحي إليه بشرع ، وإن لم يؤمر بتبليغه، فإن أمر بذلك فرسول أيضا، أو وأمر بتبليغه وإن لم يكن له كتاب، أو نسخ لبعض شرع من قبله كيوشع، فإن كان له ذلك فرسول أيضا قولان، فالنبي أعم من .......
المحشي: قوله: «ونصلي» حقه أن يقول بعده: ونسلم خروجا من كراهة إفراد أحدهما عن الآخر.
قوله: «أخذا من حديث «أمرنا الله أن نصلي عليك»» استدل به على أن صلاتنا عليه مأمور بها، وعلى أن معناها دعاؤنا له بها، لا بقيد الرحمة. قوله: «وفي الثالث» إلى آخره قضيته أن من أوحي إليه بشرع، ولم يؤمر بتبليغه ليس بنبي ولا رسول.
الشارح: الرسول عليهما، وفي الثالث أنهما بمعنى، وهو معنى الرسول على المشهور. وقال: «نبيك» دون رسولك لأن النبي أكثر استعمالا ولفظه بالهمز من النبأ أي الخبر، لأن النبي مخبر عن الله، وبلا همز وهو الأكثر قيل: إنه مخفف المهموز بقلب همزته ياء، وقيل: إنه الأصل من النبوة، بفتح النون وسكون الباء، أي الرفعة، لأن النبي مرفوع الرتبة عن الخلق.
ومحمد علم منقول من اسم مفعول المضعف، سمي به نبينا بإلهام من الله تعالى تفاؤلا بأنه يكثر حمد الخلق له، لكثرة خصاله الجميلة. كما روي في السير أنه قيل لجده عبد المطلب، وقد سماه في سابع ولادته لموت أبيه قبلها: لم سميت ابنك محمدا وليس من أسماء آبائك ولا قومك؟ قال: رجوت أن يحمد في السماء والأرض.
وقد حقق الله رجاءه كما سبق في علمه تعالى.
المحشي: قوله: «لأن النبي مخبر عن الله» يحتمل أن يكون فعيلا بمعنى فاعل كما هو الظاهر، وأن يكون فعيلا بمعنى مفعول، لأنه مخبر بالإيحاء إليه بواسطة وبدونها، وهو أنسب بالقول المشهور من الأقوال الثلاثة التي ذكرها، لوجود مأخذ التسمية في كل نبي، ولو غير رسول، لأن من لم يؤمر بتبليغ، لا يلزم كونه مخبرا لغيره.
صاحب المتن: هادي الأمة لرشادها.
صفحہ 5