حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع
حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع
اصناف
الشارح: «والراغب» قال: ««الصدق المطابقة الخارجية مع الاعتقاد» لها -كما قال الجاحظ - «فإن فقدا» أي المطابقة الخارجية، واعتقادها، أي مجموعهما بأن فقد كل منهما، أو أحدهما «فمنه كذب» وهو ما فقد فيه كل منهما سواء صدق فقد اعتقاد المطابقة باعتقاد عدمها، أم بعدم اعتقاد شيء، «و» منه «موصوف بهما» أي بالصدق والكذب «بجهتين»» وهو ما فقد فيه واحد من المطابقة للخارج واعتقادها، يوصف بالصدق من حيث مطابقته للاعتقاد، أو للخارج، وبالكذب من حيث انتفت فيه المطابقة للخارج أو اعتقادها، فهو واسطة بين الصدق والكذب.
المحشي: قوله «أم بعدم اعتقاد شيء» إدخاله له في الكذب مخالف بجعل الراغب له واسطة بينه وبين الصدق.
مدلول الخبر
صاحب المتن: ومدلول الخبر الحكم بالنسبة لا ثبوتها وفاقا للإمام وخلافا للقرافي، وإلا لم يكن شيء من الخبر كذبا.
الشارح: «ومدلول الخبر» في الإثبات «الحكم بالنسبة» التي تضمنها ك «قيام زيد» في «قام زيد» مثلا، «لا ثبوتها» في الخارج «وفاقا للإمام» الرازي في أنه الحكم بها «وخلافا للقرافي» في أنه ثبوتها، «وإلا» أي وإن لم يكن مدلول الخبر الحكم بالنسبة، بل كان ثبوتها «لم يكن شيء من الخبر كذبا» أي غير ثابت النسبة في الخارج، وقد اتفق العقلاء على أن من الخبر كذبا.
وأجيب بأن كذب الخبر بأن لم تثبت نسبته في الخارج ليس مدلولا له حتى ينافي ما جعل مدلوله من ثبوت النسبة غاية الأمر أن الخبر الكذب تخلق فيه المدلول عن الدليل لأن دلالته وضعية لا عقلية، وتقسيم الخبر إلى الصدق والكذب باعتبار وجود مدلوله معه وتخلفه عنه.
المحشي: قوله «ومدلول الخبر» أي مدلول ما صدقه.
قوله «لا عقلية» أي ليس دلالته لعلاقة عقلية يقتضي استلزام الدليل للمدلول استلزاما عقليا يستحيل معه تخلف المدلول عن الدليل عما في دلالة الأثر على المؤثر.
قوله «وتقسيم الخبر إلى الصدق والكذب» أي على القول بأن مدلوله ثبوت النسبة في الخارج بقرينة مقابلية بقوله بعد «وتقسيم الخبر الخ»، وقوله «باعتبار وجود مدلوله معه وتخلفه عنه» يقتضي مع ما قدمه من الجواب أن مدلول الخبر أي ما صدقه هو الصدق، لا الكذب.
الشارح: وإنما هو احتمال عقلي، وهو ما صرح به جماعة، منهم السعد التفتازاني. نعم، الأول الموافق للإمام الرازي سالم من هذا التخلف. وتقسيم الخبر عليه إلى الصدق والكذب باعتبار ما تضمنه من النسبة، كما سيأتي.
ويقاس على الخبر في الإثبات الخبر في النفي، فيقال: «مدلوله الحكم بانتفاء النسبة، وقبل: «انفاؤها».
وقوله «وإلا لم يكن شيء من الخبر كذبا» أوضح - كما قال- من عبارة المحصول: «لم يكن الكذب خبرا»، ومن عبارة «التحصيل» وغيره: «لم يكن الخبر كذبا».
المحشي: وما رجحه من أن مدلوله الحكم بالنسبة لا بثبوتها في الخارج لا يخالف ما رجحه في الكتاب الأول من «أن اللفظ موضوع للمعنى الخراجي، لا الذهني»، لأن الكلام ثم في «اسم الجنس النكرة»، والكلام هنا في «الخبر».
قوله «نعم، الأول الموافق للإمام الرازي سالم من هذا التخلف» مشعر بترجيح الأول، لكنه قد يعارض بما يفوقه، وهو أنا نقطع بأن ما نقصده بقولنا: «زيد قائم» ونفهمه منه هو إفادة المخاطب بثبوت نسبة القيام لزيد، لا حكمنا بذلك، وهو الذي ارتضاه السعد التفتازاني.
قوله «أوضح كما قال ... الخ» وجه أوضحيته سلامته من إيهام العبارة الأولى وجود الكذب لا بوصف الخبرية، والقصد انتفاؤه، ومن إيهام الثانية أن كل خبر كذب، وليس كذلك.
صاحب المتن: ومورد الصدق والكذب النسبة التي تضمنها، ليس غير ك «قائم» في «زيد بن عمرو قائم» لا بنوة زيد، ومن ثم قال مالك وبعض أصحابنا: «الشهادة ب «توكيل فلان ابن فلان فلانا» شهادة بالوكالة فقط»، والمذهب بالنسب ضمنيا والوكالة أصلا.
صفحہ 140