حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع
حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع
اصناف
ويدل على الجواز قوله تعالى: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء) النحل: 89 , وإن خص بعمومه ما نسخ بغير القرآن.
المحشي: قوله «وقيل لا يجوز نسخ السنة بالقرآن» سكت عن حكاية قول بمنع نسخ القرآن به، إذ لم يقل به أحد ممن يجوز نسخ بعضه، وحكمه عند من لم يجوزه علم من قوله قبل: «ويجوز على الصحيح نسخ بعض القرآن» الخ.
قوله «وإن خص من عمومه ما نسخ بغير القرآن» أي لأن العام بعد التخصيص حجة في الباقي كما مر.
الشارح: «و» يجوز على الصحيح النسخ «بالنسبة» متواترة أو آحادا «للقرآن».
وقيل: لا يجوز لقوله تعالى: (قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي) يونس: 15 , والنسخ بالسنة تبديل منه.
قلنا: ليس تبديلا من تلقاء نفسه (وما ينطق عن الهوى) النجم: 3، ويدل على الجواز قوله تعالى: (لتبين للناس ما نزل إليهم) النحل: 44.
المحشي: قوله «ليس تبديلا من تلقاء نفسه» أي بل بالوحي كما قال: (وما ينطق عن الهوى) النجم: 3 الآية, فإن قلت: يجوز أن يكون باجتهاد. قلت: هو راجع إلى الوحي، حيث أذن الله له فيه من غير أن يقره على الخطأ.
قوله «ويدل على الجواز» الخ, استظهار بالصريح على ما قبله.
صاحب المتن: وقيل: يمتنع بالآحاد، والحق لم يقع إلا بالمتواترة، قال الشافعي: «وحيث وقع بالسنة فمعها قرآن، أو بالقرآن فمعه سنة عاضدة تبين له توافق الكتاب والسنة».
الشارح: «وقيل: يمتنع» نسخ القرآن بالآحاد, لأن القرآن مقطوع, والآحاد مظنون. قلنا: محل النسخ الحكم, ودلالة القرآن عليه ظنية.
«والحق لم يقع» نسخ القرآن «إلا بالمتواترة». وقيل: وقع بالآحاد كحديث الترمذي وغيره: «لا وصية لوارث , فإنه ناسخ لقوله تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين) البقرة: 180.
المحشي: قوله «وقيل: وقع بالآحاد» هو محكي عن بعض الظاهرية، ولم يعتبره إمام الحرمين، فحكى الإجماع على نفي وقوعه بالآحاد.
الشارح: قلنا: لا نسلم عدم تواتر ذلك ونحوه للمجتهدين الحاكمين بالنسخ, لقربهم من زمان النبي صلى الله عليه وسلم.
«قال الشافعي» ?: «وحيث وقع» نسخ القرآن «بالسنة فمعها قرآن» عاضد لها, يبين توافق الكتاب والسنة، «أو» نسخ السنة «بالقرآن فمعه سنة عاضدة».
هذا ما فهمه المصنف من قول الشافعي ? في الرسالة: «لا ينسخ كتاب الله إلا كتابه». ثم قال: «وهكذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا ينسخها إلا سنته، ولو أحدث الله لرسوله في أمر سن فيه غير ما سن رسول الله لسن فيما أحدث الله إليه, حتى يبين للناس أن له سنة ناسخة لسنته».
أي موافقة للكتاب الناسخ لها، إذ لا شك في موافقته له كما في نسخ التوجه في الصلاة إلى بيت المقدس, الثابت بفعله صلى الله عليه وسلم، بقوله تعالى: (فول وجهك شطر المسجد الحرام) البقرة: 144 , وقد فعله صلى الله عليه وسلم.
وهذا القسم ظاهر في الفهم والوجود، والأول محمول عليه في الفهم محتاج إلى بيان وجوده،
المحشي: قوله «إذ لا شك في موافقته له» أي موافقة الرسول لله، أو موافقة ما سنه الرسول للكتاب. قوله «وهذا القسم» أي نسخ السنة بالقرآن, ظاهر في الفهم، أي من نص الشافعي السابق، وقوله «والوجود» أي وظاهر في الوجود، كمثاله قبيل هذا بنسخ التوجه إلى بيت المقدس، الثابت بفعله «بقوله تعالى: (فول وجهك شطر المسجد الحرام) البقرة: 144.
صفحہ 123