حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع
حاشية شيخ الإسلام زكريا الأنصاري على شرح جمع الجوامع
اصناف
الشارح: «وبلال يشفع الأذان» أي ومن البعيد: تأويل بعض السلف حديث أنس في الصحيحين: «أمر بلال، أي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم»، كما في النسائي أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة «على أن يجعله شفعا لآذان ابن أم مكتوم» بأن يؤذن قبله للصبح من الليل, كما هو الواقع ولا يزيد على إقامته، حمله على ذلك من إفراد كلمات الأذان. ووجه بعده: ما فيه من صرف اللفظ عما يتبادر منه من تثنية كلمات الأذان وإفراد كلمات الإقامة أي المعظم فيهما، المؤيد إرادته بما في رواية لأنس في الصحيحين أيضا من زيادة «إلا الإقامة» أي كلماتها فإنها تثنى.
المحشي: قوله «ومن البعيد» لكن كان يمكنه أن يقول : «ومن البعيد تأويل ما تضمنه قوله «والسارق» وما تضمنه قوله: «وبلال»» إلى آخرهما.
قوله «وترتيب القطع» هو بالرفع، وأشار بالجملة إلى التأويل القريب متضمنا لرد التأويل البعيد، ولما حكى ابن قتيبة التأويل البعيد عن يحيى بن أكثم قال: إنه باطل. قال: وكان الحديث أورد على ظاهر الآية. ثم أعلم الله بعد أن القطع لا يكون إلا في نصاب.
المجمل
صاحب المتن: المجمل: ما لم تتضح دلالته. فلا إجمال في آية السرقة، ونحو: (حرمت عليكم أمهاتكم) النساء: 23.
الشارح: «المجمل: ما لم تتضح دلالته» من قول أو فعل. وخرج المهمل, إذ لا دلالة له، والمبين, لاتضاح دلالته.
«فلا إجمال في آية السرقة»، وهي: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) المائدة: 38 , لا في اليد ولا في القطع. وخالف بعض الحنفية قال: لأن اليد تطلق على العضد إلى الكوع، وإلى المرفق، وإلى المنكب، والقطع يطلق على الإبانة، وعلى الجرح، يقال لمن جرح يده بالسكين: قطعها، ولا ظهور لواحد من ذلك، وإبانة الشارع من الكوع مبين لذلك.
المحشي: مباحث المجمل: قوله «أو فعل» أي ك «قيامه عليه الصلاة والسلام من الركعة الثانية بلا تشهد، فإنه يحتمل العمد: فلا يكون التشهد واجبا, والسهو: فلا يدل على أنه غير واجب.
الشارح: قلنا: لا نسلم عدم الظهور لواحد من ذلك, فإن «اليد»: ظاهر في العضو إلى المنكب، و«القطع»: ظاهر في الإبانة، وإبانة الشارع من الكوع مبين: أن المراد من الكل ذلك البعض.
«ونحو (حرمت عليكم أمهاتكم) النساء: 23» , ك (حرمت عليكم الميتة) المائدة: 3 , أي لا إجمال فيه، وخالف الكرخي, وبعض أصحابنا, قالوا: إسناد التحريم إلى العين لا يصح, لأنه إنما يتعلق بالفعل، فلا بد من تقديره، وهو محتمل لأمور لا حاجة إلى جميعها, ولا مرجح لبعضها, فكان مجملا. قلنا: المرجح موجود وهو العرف، فإنه قاض بأن المراد في الأول: تحريم الاستمتاع بوطء ونحوه، ومن الثاني: تحريم الأكل ونحوه.
المحشي: واعترض: بأن ترك العود إليه يدل على أنه غير واجب. وأجاب عنه البرماوي وغيره: بأن ترك العود إليه بيان لاجماله، لأن البيان يكون بالفعل، والترك فعل، لأنه كف كما مر.
قوله «قلنا: لا نسلم عدم الظهور» الخ، حاصله أن الآية من قبيل الظاهر والمؤول، لا من قبيل المجمل والمبين.
قوله: «ونحو: (حرمت عليكم أمهاتكم) النساء: 23» جعله الشارح مع ما عطف عليه مرفوعا بالابتداء، فقدر له خبرا، ولو جعله مجرورا صح، ولم يحتج إلى تقدير ذلك, كما في الذي قبله.
صاحب المتن: (وامسحوا برءوسكم) المائدة: 6، «لا نكاح إلا بولي».
الشارح: «(وامسحوا برءوسكم) المائدة: 6» لا إجمال فيه. وخالف بعض الحنفية، قال: لتردده بين مسح الكل والبعض، ومسح الشارح الناصية مبين لذلك.
قلنا: لا نسلم تردده بين ذلك، وإنما هو لمطلق المسح، الصادق بأقل ما يطلق عليه الاسم وبغيره، ومسح الشارع الناصية من ذلك.
««لا نكاح إلا بولي»» صححه الترمذي وغيره لا إجمال فيه.
صفحہ 113