35

Hashiya Al-Sindi Ala Sahih Al-Bukhari

حاشية السندي على صحيح البخاري

59 لم يتركه لاختلافهم كما لم يترك التبليغ لمخالفة من خالف يفيد أنه ما كان واجبا عليه صلى الله تعالى عليه وسلم كتابته لهم ، وهو لا ينافي الوجوب عليهم حين أمرهم به ، وبين أن فائدته الأمن من الضلالة ودوام الهداية ، فإن الأصل في الأمر هو الوجوب على المأمور لا على الآمر سيما إذا كان فائدته ما ذكر ، والوجوب عليهم هو محل الكلام لا الوجوب عليه على أنه يمكن أن يكون واجبا عليه ، وسقط الوجوب عنه بعدم امتثالهم للأمر ، وقد رفع علم تعيين ليلة القدر عن قبله صلى الله تعالى عليه وسلم بتلاحي رجلين فيمكن رفع هذا كذلك ثم المطلوب تحقيق أنه كيف لا يكون للوجوب مع وجود قوله لا تضلوا ، وهذه المعارضة لا تنفع في إفادة ذلك التحقيق ، وأما أنه خشي أن يكتب أمورا تصير سببا للعقوبة أو سببا لقدح المنافقين المؤدي إلى الفتنة فغير متصور مع وجود قوله لا تضلوا لأن هذا بيان أن الكتاب سبب للأمن من الضلال ودوام الهداية فكيف يتوهم أنه سبب للعقوبة أو الفتنة بقدح أهل النفاق ومثل هذا الظن يوهم تكذيب ذلك الخبر ، وأما قولهم في تفسير حسبنا كتاب الله أنه تعالى : {قال ما فرطنا في الكتاب من شيء} وقال تعالى : {اليوم أكملت لكم دينكم} فكل منهما لا يفيد الأمن من الضلال ودوام الهداية للناس حتى يتجه ترك السعي في ذلك الكتاب للاعتماد على هاتين الآيتين كيف ، ولو كان كذلك لما وقع الضلال بعد مع أن الضلال والتفرق في الأمة قد وقع بحيث لا يرجى رفعه. ولم يقل صلى الله تعالى عليه وسلم أن مراده أن يكتب الأحكام حتى يقال أنه يكفي في فهمها كتاب الله تعالى ، فلعله كان شيئا من قبيل أسماء الله تعالى أو غيره مما ببركته مكتوبا عندهم بأمر نبيهم صلى الله تعالى عليه وسلم بأمن الناس من الضلالة ، ولو فرض أن مراده كان كتابة بعض الأحكام فلعل النص على تلك الأحكام منه صلى الله تعالى عليه وسلم سبب للأمن من الضلالة فلا وجه لترك السعي في ذلك النص اكتفاء بالقرآن ، بل لو لم يكن فائدة النص إلا الأمن من الضلالة لكان مطلوبا جدا ، ولم يصح تركه للاعتماد على أن الكتاب جامع لكل شيء كيف ، والناس محتاجون إلى السنة أشد احتياج مع كون الكتاب جامعا ، وذلك لأن الكتاب ، وإن كان جامعا إلا أنه لا يقدر كل أحد على الاستخراج منه ، وما يمكن لهم استخراجه منه فلا يقدر كل أحد على استخراجه منه على وجه الصواب ، ولهذا فوض إليه البيان مع كون الكتاب جامعا فقال تعالى : {لتبين للناس ما نزل إليهم} ولا شك أن استخراجه صلى الله تعالى عليه وسلم من الكتاب على وجه الصواب ، وهذا يكفي ويغني في كون نصه مطلوبا لنا سيما إذا أمرنا به سيما إذا وعد على ذلك الأمن من الضلال فما معنى قول أحدنا في مقابلة ذلك حسبنا كتاب الله بالوجه الذي ذكروا. قلت : فالوجه عندي طلب مخرج هو أحسن وأولى

60

صفحہ 41