حسنہ و سیئہ
الحسنة والسيئة
تحقیق کنندہ
-
ناشر
دار الكتب العلمية،بيروت
ایڈیشن نمبر
-
پبلشر کا مقام
لبنان
اصناف
تصوف
هو المعطى المانع، لا مانع لما أعطى ولا معطى لما منع، ولتوحيد الإلهية شرعا وأمرًا ونهيًا وهو أن العباد، وإن كانوا يعطون ملكا وعظمة، وبختا ورياسة في الظاهر أو في الباطن، كأصحاب المكاشفات والتصرفات الخارقة، فلا ينفع ذا الجد منك الجد، أي: لا ينجيه ولا يخلصه من سؤلك وحسابك حظه وعظمته وغناه.
ولهذا قال: " لا ينفعه منك " ولم يقل: " لا ينفعه عندك "، فإنه لو قيل ذلك أوهم أنه لا يتقرب به إليك، لكن قد لا يضره. فيقول صاحب الجد: إذا سلمت من العذاب في الآخرة فما أبالى، كالذين أوتوا النبوة والملك، لهم ملك في الدنيا وهم من السعداء، فقد يظن ذو الجد الذي لم يعمل بطاعة الله من بعده أنه كان كذلك، فقال: " ولا ينفع ذا الجد منك "، ضمن " ينفع " معنى " ينجى ويخلص "، فبين أن جده لا ينجيه من العذاب، بل يستحق بذنوبه ما يستحقه أمثاله ولا ينفعه جده منك، فلا ينجيه ولا يخلصه.
فتضمن هذا الكلام تحقيق التوحيد، وتحقيق قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِين﴾ [الفاتحة: ٥]، وقوله: ﴿فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ﴾ [هود: ١٢٣] وقوله: ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾ [هود: ٨٨] وقوله: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا﴾ [المزمل: ٨، ٩] .
فقوله: " لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ": توحيد الربوبية الذي يقتضى أنه سبحانه هو الذي يسأل ويدعى، ويتوكل عليه.
وهو سبب لتوحيد الإلهية، ودليل عليه، كما يحتج به في القرآن على المشركين؛
1 / 126