الحسنة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله الذي جعل علماء الزيدية أعلاما للشريعة ونجوما يهتدي بهم المهتدون ، ويستبصر بهم المستبصرون ، ونوه بذكرهم في محكم كتابه الكريم بقوله : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون إنما يتذكر أولو الألباب } ، ورفع درجاتهم في صريح الآيات { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } ، وحصر عليهم الخشية بقوله : { إنما يخشى الله من عباده العلماء } ، وقرن شهادتهم بشهادته { شهد الله أنه لاإله إلا هو والملائكة وأولوا العلم } .
والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين ، أرسله الله رحمة للعالمين ، ورفع له ذكره في الأولين والآخرين ، وشرح له صدره ، ووضع عنه وزره ، خاتم الأنبياء والمرسلين ، وسيد الأولين والآخرين ، سيدنا وسندنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى عترته نجوم السماء ، وأوتاد الدنيا وزينة الأرض ، ومأوى الملهوف ، المتقدم لهم مارق ، والمتأخر عنهم زاهق ، وللازم لهم لاحق ، قرناء التنزيل والثقل ، وبقايا دعوة إبراهيم الخليل ، حشرنا الله معهم .
وبعد : فإنه لما كان شهر شعبان سنة 1380ه ألف وثلثماءة وثمانين دها عامة الزيديةالأمر العظيم ، والحادث الأليم ، وهو وفات من قدس الله روحه ونور ضريحه العلآمة الشهير ، والبحر المتلآطم الغزير ، ذي العقائد الراسخة ، والمناقب الباذخة درة تاج الشيعة ، الفعم بالعلوم الربانية عز الإسلام وترجمان الأنام / محمد بن يحيى مرغم رحمه الله رحمة الأبرار وأسكنه جنات تجري من تحتها الأنهار .
صفحہ 1
وكنت ملازما له في الغالب من حال التكليف إلى أن توفاه الله تعالى ، فعرفة طريقته ، وسبره سيرته ، فلم نجده إلا علما يهتدي به الأبرار ، وتستضئ بنور علمه الأقمار ، لم يجلس إليه أحد إلا بغض إليه الدنيا وحقرها وحذره نار حرها شديد ، وقعرها بعيد ، وطعام أهلها القيح والصديد ، حتى أن بعض السامعين له في الوعظ يقول : " أما إذا وعظ سيدنا العلامة محمد بن يحيى مرغم فوالله كأني أتصور الجنة والنار أمامي " لذا وجب علينا أ، نذكر بعضا من أحواله وإن كان فضله كالشمس في أفق السماء ،
والشمس إن خفيت على ذي مقلة نصف النهار فذاك محصول العمى
وإن كان موفور فضائله لاتحصى ، ومشكور سعيه لايستقصى مع أني لست من أهل هذا الشأن ، ولامن فرسان ذلك الميدان سيف ولاسنان ، ولكنه عول علينا في ذلك من لايسعنا إلا إجابته وهو الولدالسيد صفي الإسلام أحمد بن قاسم الداعي ثبته الله ، ونور بصيرته ، ورزقه معرفة علم آبائه ، لأنه لما اطلع على مصنفات والدنا العلامة بهره ماوجد وحار لبه فيما نقد ، وقال لي : " وهل يجوز إهمال مثل هذا العبقري ، وعدم التعريف به والتنويه بذكره ؟ " ، فأجبته إلى ذلك طمعا في قول رسول الله صلى اللع عليه وآله وسلم : ( من أراد أن يكرمني فليكرم أحبابي ) قيل : " من أحبابك يارسول الله ؟ " قال : ( العلماء ) ، ولما له علي من الحق الأكيد ، وأسأل الله أن يجعله لي عنده من الآثار المكتوبة لديه ، ومما يكرمني به يوم المصير إليه ، فلقد قام لطلب العلم الشريف بمدينة صعدة مع شد الحاجة والفقر كما أخبرني شفاها ، ولم يلحقه من أجله ضعف ولاوهن بل صبر لما ناله ، ورضيه في السر والعلن .
صفحہ 2
ولما علم الله منه صدق نيته وباطن سريرته ومعاداته لهذه الدنيا الفانية أسبل الله عليه شيئا بينا من نوره وتنويره وإلهامه ورحمته ، وكان شيخه وأستاذه آنذاك مولانا السيد العلامة الحجة عن الملة الحنفية ، ووسطت عقد الأسرة العلوية محمد بن إبراهيم المؤيد الملقب حورية أسكنهما الله فسيح جنانه مع سيد المرسلين والأنزع البطين أمير المؤمنين ، فاستفاد منه علم العربية : النحو ، والصرف . والأصولين ، والفروع ، وعلم الحديث ، وعلم الباطن ، والتفسير ، فلما بلي المولى العلامة المحقق بالاعتقال والحبس انتقل لإكمال مايحتاج إليه عند علامة الزمن المشهور شرف الإسلام الحسن بن محمد سهيل رحمهما الله ، فعول عليه بعد الاجتهاد سادتي العلماء الأعلام المشار إليهم بالبنان آل الهاشمي في خروجه من صعدة وبقاه لديهم في رحبان ليدرس أولادهم وغيرهم ، وأعطوه سكنا غلى أن تمكن من عمارة منزل ، فلما تمكن وهبه أويس زمانه ، وشبيه زين العابدين في أيامه السيد إسماعيل بن عبدالله الهاشمي عرصة وذرعها بيده الشريفة ، وحث الناس على إعانته فقام لبناء ذلك البيت .
صفحہ 3
واستمر في نشر العلم الشريف ، وأقبل إليه الطلاب من كل ناحية : من رازح ، وخولان ، وبرط ، وبلادسفيان ، وظهران اليمن ، ومن صعدة ، ورحبان الكثير ، فممن تخرج على يده من جبل برط القضاة آل العنسي القاضي العلامة محسن بن يحيى ، والقاضي العلامة عبدالله بن أحسن ، والقاضي العلامة أحسن بن محمد ، ومن جبل رازح سيدي العلامة إسماعيل بن أحمد الحوثي ، والسيد حسين بن علي الحوثي ، وسيدنا العلامة علي الشعباني ، ومن المشرق السادة الساكنين في جبل علي العمار وهم سيدي العلامة علي بن قاسم العزي وأخيه صلاح بن قاسم العزي وأخيه محمد بن قاسم العزي ، وسيدي العلامة محمد بن قاسم العزي الساكن الحمزات ، وأحسن بن محسن العزي ، ومن رحبان سيدي العلامة الحجة صلاح بن محمد الهاشمي وأخيه قاسم بن محمد الهاشمي ومن هجرة درب وادعة آل عمار سيدي المولى العلامة صلاح بن محمد نورالدين وأخيه علي بن محمد نورالدين وأخيه أحمد بن محمد نور الدين ، ومن هجرة فلله سيدي العلامة المفتي عبدالرحمن بن حسين شايم ، ومن آل الهاشمي أيضا سيدي العلامة أحسن بن أحسن الهاشمي ، وسيدي العلامة إبراهيم بن محمد الهاشمي ، وسيدي العلامة قاسم بن عبدالله الهاشمي ، وسيدي العلامة أحمد بن عبدالله الهاشمي ، والقاضي العلامة الولي عبدالرحمن بن عبدالله يعقوب ، والقاضي العلامة إبراهيم بن يحيى المتميز .
صفحہ 4
ومن صعدة القاضي العلامة عبدالرحمن بن قاسم مشحم ، ومن خولان سيدي العلامة العابد الزاهد أحمد بن محمدالقاسمي وأخيه السيد صلاح بن محمد القاسمي ، وسيدي العلامة إبراهيم الحمران ، ومن سحار سيدي العلامة أحمد بن عبدالله الجلال ، وسيدنا العلامة حسن الشامي من ظهران اليمن ، وكذلك الحقير وأنا ولده يحيى بن محمد مرغم ، وسيدي العلامة علي بن حسين عامر ، وسيدي العلامة محمد بن علي عامر ، وسيدي العلامة عز الإسلام محمد بن عبدالله المهدي ، وسيدي العلامة عبدالوهاب علي المؤيدي الملقب حورية ، وسيدي العلامة يحيى بن محمد حورية ، وسيدي العلامة الصفي أحمد بن محمد حورية ، وكذلك سيدي العلامة علم الإسلام قاسم بن صلاح عامر ، وسيدي العلامة الولي التقي العابد الزاهد عبدالرحمن بن صلاح عامر ، وسيدي العالم عبدالله بن صلاح عامر ، وسيدي العالم عبدالعظيم الصيلمي ، ومن البوارعة سيدنا العلامة أحسن بن معاذ المعاذي ، وجم غفير يطول ذكرهم ، هؤلاء بعض العلماء الذين تخرجوا على يديه والذين تذكرتهم .
هذا وقد كان منقطعا غلى الله ، زاهدا في الدنيا ، راغبا في العبادة وتدريس العلوم ، أما مصنفاته ورسائله فهي كثيرة نذكر منها ماتحصلنا عليه فله :
- في علم الباطن :الحصن الحصين المنتزع من كلام الأنزع البطين أمير المؤمنين وسيد المسلمين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه ، شرح فيه بعضا من خطبه عليه السلام وشرح معانيها لغة ، وعضد كلام الإمام بأدلة من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وعى عترته ، كتاب نفيس يرغب فيه من اطلع عليه .
وله رسالة في رواة الحديث سماها ( مشكاة الوضوح في تمييز العدل من المجروح ) بين الحق الذي لامرية فيه .
صفحہ 5
وله رحمه الله رسالة أخرى سماها ( الحنة الباقية ) وهي هذه المقدم لها ، وقد عدد فيها رحمه الله أعداء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذين كانوا يصرحون بلعنه من على رؤوس المننابر وبين من كان يلعنه أميرالمؤمنين في حال الصلاة ، وهي قصيدة مشروحة منه رحمه الله .
وله رسالة في تحريم المغاني ، وتحريم التشبه بالأجانب من اليهود والنصارى وغيرهم .
وله تخميس قصيدة الهادي بن إبراهيم الوزير ، ظلت علي وأنا في حال البحث عنها التي مطلعها :
أقاويل غي في الزمان نواجم
وتخميس قصيدة القاضي العلامة نبراس العلماء وفص تاج الحكماء الشاعر الملهم الحسن بن علي بن جابر الهبل المسماة ب ( المنشية ) وهي في طريق الطبع .
وله ديوان بينه وبين مولانا الحجة السيد محمد بن إبراهيم المؤيدي .
وله جوابات سؤالات على سيدي العلامة عبدالرحمن بن حسين شايم .
كل هذه الكتب والرسائل المذكورة موجودة ، غير الديوان فإنه لدن السيد العلامة عبدالوهاب بن علي المؤيدي ، وقصيدة الهادي بن إبراهيم ،
وله قصيدة في القياس وأركانه ظلت ، لم أحصل منها إلا على ورقة قال فيها :
وبعد قسمته الأولى فنقسمه لعلة ودليل قسمة الأول
وهاك أقسامه ياصاح أربعة أصل وفرع وحكم عله وسل
وله كذلك ترجمة لسادتي آل الهاشمي الذين هم سيدي ومولاي العلامة الحجة القاسم بن إبراهيم الهامي ، وسيدي العلامة الولي إسماعيل بن عبدالله الهاشمي ، وسيدي العلامة الولي التقي أحمد بن إبراهيم الهاشمي ، وسيدي العلامة محمد بن إبراهيم الهاشمي رحمهم الله ، فلما توفى سيدي إسماعيل الهاشمي رثاه الوالد رحمه الله بتراثي بليغة موجودة في الترجمة .
صفحہ 6
وأعلم أيها المطلع ثبتنا الله وإياك والمؤمنين على الحق القويم والصراط المستقيم أن هذا العالم عظيم القدر قد ثبته الله لاتباع قرناء الذكر المبين عترة سيد المرسلين صلى الله عليه وعليهم أجمعين ، لأجل ذلك منحه الله التنوير ، وقد أخبرني حي جدي يحيى بن عبدالله مرغم أبو الوالد لما بلغ الوالد من العمر إثنتي عشرة سنة أوصله جدي إلى رحبان غلى النجمين الزاهرين ، والبدرين النيرين ، الزاهدين العابدين السيدين القاسم بن إبراهيم الهاشمي وأخيه إسماعيل بن عبدالله الهاشمي ليدعوان له بأن يرزقه الله العلم الشريف وحب آل محمد فقالا: ما أوصلك في هذا الوقت ؟ فقال : تدعوا لولدي محمد . فقالا : ما أ,صلك إلا هذا ؟ فقال مقاسما ما أوصله إلا ذلك ، فرتبا عليه ، ودعوا له ، فأجيبت دعوتهما ، وكان كما أحب له أن يكون ، وهو بسبب الدعاء من العترة المطهرة ، رزقنا الله بأسرارعلومهم علوم الشريعة ، وجعلنا من شيعتهم إنه على كل شئ قدير .
وقد كان له بركة في أوقاته فيما عرفته وشاهدته من أعماله كأن يستيقظ من نومه ذاهبا إلى المسجد المعروف بمسجد بير الشريفة ، فيصلي الفجر ، ثم يبدأ التدريس ، فيدرس ثلاثة معاشر . عرفته يدرس سيدي العلامة صلاح بن محمد الهاشمي شرح التجريد وحديقة الحكمة ، والشافي وكلها للإمام عبدالله بن حمزة ، ثم يتناول الإفطار في بيته ، فيذهب غلى جامع مولانا أمير المؤمنين يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم صلوات الله عليه ، فيدرس مايزيد على ستة دروس في الجامع الكبير برحبان بير الشريفة مع كثرة الطلبة ، ومع ماكان يقوم به من الإرشاد وتعليم الصلاة للعوام ، والإجابة على الفتاوى التي ترد عليه من كل بلد .
وعلى الجملة فما كانت أوقاته تذهب إلا في رضاء الله سبحانه .
صفحہ 7
وكان له علاقة قوية لسيدي العلامة الحجة علي بن محمد العجري كما جرت بينه وبينه مذاكرات في أماكن عديدة وكذلك كان له علاقة بمولانا العلامة مفتي اليمن الكبير والعالم النحرير السيد مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي ، وتزاملا في القراءة ، ومذاكرات في عدة أماكن وعدت مكاتبات ومنظومات شعرية ، كذلك كان له علاقة قوية بسادتي العلماء الأعلام من آل الحوثي كالعلامة الحجة حسن بن حسين الحوثي وكذلك أخيه الولي التقي العلامة يحيى بن الحسين الحوثي وله عدة مذاكرات مع مولانا الشهير أمير الدين بن الحسين الحوثي ، وكذلك مذاكرات علمية ومكاتبات بالشعر بينه وبين سيدي العلامة يحيى بن صلاح ستين ، وبينه وبين مولانا العلامة الشهير السيد أحمد بن الإمام الهادي القاسمي .
وكان في خواتم رمضان يطلب منه الدعاء ، وكذلك كان له علاقة مع العلماء من آل طيب كان له بهم علقة قوية وجرت بينه وبينهم عدة مذاكرات في العلم ، وكذلك مع سيدي العلامة إسماعيل بن أحسن المداني حيث قعد رحمه الله عنده في رازح مدة طويلة صنف هنالك ( الحسنة الباقية ) هذا الذي بين يديك لأن السيد المذكور عول عليه في حصر أعداء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، فحصل الوالد المنظومة ، فلما أتمها قال له : إشرحها ، فقال ليس عندي مراجع ، فقال : أنا سأساعدك في تحصيل المراجع ، وعند ذلك شرح المنظومة .
صفحہ 8
أما علاقته بسادتي آل حورية ، فكانت أقوى العلاقات خصوصا شيخه مولانا العلامة محمد بن إبراهيم المؤيد رحمه الله ، وكان يخرج معهم إلى العشة لحبهم له ، وكان كثير المخالطة لهم ، أما الأخوان آل الضوء فقد كانوا محبين له ، ومستشارا لهم في جميع أمورهم ، وسادتي آل الهاشمي كان له علاقة بسيدي العلامة محمد بن إبراهيم الهاشمي أملى عليه عدة كتب هو وولده العلامة يحيى بن محمد الهاشمي ، وأحسن سيدي يحيى إليه غاية الإحسان ، وكان يرسل له خريفه من أول الخريف إلى آخره ، وكان يقرأ هو والوالد قدر ستة دروس بعدها يذهب لقضاء حاجته من السوق ، وبعد ذلك يذهب إلى بيته فينام ساعة أو نصف بعدها إلى المسجد لأداء صلاة الظهر بعد الصلاة يدرس درسا أو درسين ثم يذهب لتناول طعام الغداء ، ثم يخرج إلى المسجد ليقرأ هو وزميله العالم العلامة المحققعبدالله بن إسماعيل الحشحوش درسين إلى أن تحين صلاة العصر فيصليانها في جماعة ، وبعدها يذهب إما إلى يته أو بيت سيدي العلامة المرحوم محمد بن إبراهيم الهاشمي فيدرسا هنالك حال المقيل درسا أو درسين ، ثم يخرجا فيصليا المغرب وسنته ، ولهم بين المغرب والعشاء درس جامع لأهل القرية يملي ذلك الوالد في فضائل أهل بيت رسول الله صلى الله وسلم عليه وعلى آله إلى أن يحين وقت العشاء فيصلون ، ثم يدرس درسا واحدا ، ثم يذهب غلى البيت فيذكر النساء ويعضهم ويعضنا معهم وهكذا كانت أوقاته وأعماله رحمه الله ولقد صدق عليه قول الشاعر :
صفحہ 9
هذي صفاتي وأخلاقي عرفت بها وقت الشباب وبعد الشيب والهرم ... ... أما شهر رمضان الكريم فهو شهر العبادة كان فيه رحمه الله إذا انتبه من نومه في النهار قبيل الظهر سارع إلى المسجد فيصلي الظهر في جماعة ثم يدرس إلى العصر أو يدرس علم ثم يصلي العصر في جماعة إلى الساعة العاشرة ( بالتوقيت الغروبي ) قبل المغرب ، ثم يذهب إلى صعدة لزيارة مولانا أميرالمؤمنين الهادي ومن بجنبه من الأئمة والألياء والعلماء العاملين الصالحين مع قضاء ماتحتاجه عائلته من السوق ، ثم يسارع بالخروج إلى بيته برحبان ومنه إلى المسجد لتناول طعام الإفطار وأداء صلاة المغرب وبعده يذهب إلى بيته ليتناول طعام العشاء وبعده يدرس الواقعة في كل ليلة من ليالي رمضان بعده يذهب إلىسيدي العلامة المرحوم عبدالله بنإسماعيل الهاشمي ليتناول ورقة قات يستعين بها على العبادة ، ويدخل السرور على سادتي آل الهاشمي غلى الساعة الثانية والنصف العشاء فيخرجون جميعا إلى المسجد ليصلوا صلاة العشاء ، ويدرسوا فيه إلى السحر فيعاجل في مسيرة من المسجد إلى البيت لراتب كان يؤديه وهو دعاء سحر رمضان لزين العابدين وسيد الساجدين علي بن الحسين إلى أن يصل السحور فيتسحر بسرعة ، ويذهب إلى المسجد في نوافل إلى طلوع الفجر فيصلي الفجر ، ويذهب إلى البيت فيؤدي راتب طويل من بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ، فإذا تيقن طلوعها رقد إلى قبيل الظهر كما ذكرنا سابقا ، وقد رأيته بعد موته في المنام كأني في جامع الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين الصغير فدخلت منه إلى حجرة الجامع الكبير ، فإذا بجملة ناس من أهل الدين والعلم لم أعرف منهم إلا حي والدي العلامة الحجة يحيى بن محمد مرغم وهو في صورته التي عرفته بين صاية مطرزة بذهب وهي بيضاء ، وعمامته المعروفة وهو يقول : ياعماد ، قلت : لبيك ، فقال : تعال معي أريك اللإمام الهادي شبيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فسرنا إلى شرقي الجامع وتوجهنا غربا ، فقال : انظر إلى الإمام الهادي فإذا هو في باب الصومعة الكبير يجوب على الناس في أوراق فوقف الإمام الأعمال وكلم الوالد قائلا له : ياسيدنا محمد أنا أعلم أن قلبك محرق على الدين فقد قرب الفرج .
وله من الكرامات الكثيرة مالايحصى منها أنه كان يسير للإرشاد في قرى سحار وكان في وادي علاف فمر ببعض أهل الوادي يزعبون ماء مختلطين نساء ورجال يغنون رافعين أصواتهم ، فنهاهم فلم ينتهون ، فقال : الله يرجمكم ، فتقبل الله دعوته ورماهم بحجارة ليست من حجارة ذلك البلد .
أما في مجال الخطابة فلقد كان الخطيب المصقع ، والواعظ المقنع ، ولقد سمعت عن من كان يسمعه إذا خطب يتصور الجنة والنار أمامه ، وسمعت شيخي القاضي العلامة حسن النهمي أنه كان يسمعه وهو يتل الآيات من كتاب الله حال الوعظ فكأنها ليست الآيات التي تدرس لشدة زجره وخوفه من الل ، وقال : أما هذا فأمثاله قليل أضف إلى ذلك أنه كان يتعب نفسه في قرى سحار في مجال الإرشاد وتعليم الصلاة ، وحرر بينهم قواعد في عدم اختلاط النساء بالرجال في العرسات ومقاشي الجراد ، ومنع النساء من الأسواق .
صفحہ 11
وأما صفته وحالته فهي معنى ماقال سيد الوصيين وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وعلى ذريته في وصف المتقين حيث قال له همام : صف لي ياأميرالمؤمنين المتقين حتى كأني أنظر إليهم . ، فحمدالله وأثنى عليه وصلى على النبي ، ثم قال : " أما بعد فإن الله لما خلق الخلق وكان غنيا عن طاعتهم آمنا من معصيتهم لأنها لاتنفعه طاعة من أطاعه ، ولاتضره معصية من عصاه ، فقسم بينهم معائشهم ، ووضعهم مواضعهم ، فالمتقون فيها هم أهل الفصل ، منطقهم الصواب ، وملبسهم الاقتصاد ، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملأ الأعلى ، أما النهار فحلماء علماء أبرار أتقياء قدبراهم الخوف بري القداح " فهذا بعضا من صفته وحليته لأنه شمر تشمير اللبيب واستعمل عقله الذي هو حجة الله عليه وتبصر مايصير إليه واستصبح بكتاب الله واستنار بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وخاض في لججهما فاستخرج منهما اللؤلؤ والمرجان فاعتدلت فطرته وصفت طبيعته ، وسمت همته نظر بعينه الصحيحة لنفسه ، ومهد لغده وأمسه { إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور } قد أيقن بالخلف فجاد بالعطية بذل نفسه ، وجاهد عدوه ، ودله الله فاستدل ، ولطف به فالتطف ، وخاطبه ففهم ، وعلمه فعلم ، استهان بالعاجلة فآثر العاقبة ، ومهد لطول المنقلب إلى { عيشة رضية في جنة عالية قطوفها دانية كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية } .
أما حسن الخلق فلقد كان من أحسن الناس أخلاقا لاسيما للعترة الطاهرة فإنه يخفض لهم جناحه ، ولقد أقسم بالله أنه أصبح عنده أولاد رسول الله أحب من ولده وولد ولده ، ولقد صرح في تخميسه لقصيدة الهبل بالحب الشديد لهم ، فقال :
الله يعلم أن حبي والدي دون المحبة للحبيب الزاهد
صفحہ 12
فاشهد علي بما ترى ياشاهدي بأبي وبي وبطارفي وبتالدي من يمموه ومن إليه تساق أما في مجال الكرم فلقد حاز منه أعلاه ولقد خلع ثوبه من فوقه لما رأى رجلا فقيرا عاريا ، وكما قال أحد الشعراء :
لايألف الدرهم البغلي صرته ألا يمر عليها وهو منطلق
تحقير منه للدنيا الفانية ، لاأعرف في مدة حياتي أنه احتكر دينارا ولادرهم ، ولااكتسب بيته لاقليل ولاكثير ولافرشا ولاغيره مدة حياته ولانهمته إلا العلم الشريف .
... أما الشعر فإنه أفصح أهل بلده وهو الذي كان يشار إليه بالبنان ، وكم له من التراثي التي رثى بها العلماء الأعلام والسادة الكرام في صعدة ورحبان وضحيان ، ولقد رثى مولانا السيدالعلامة الولي التقي نبراس زمانه يحيى بن الحسين الحوثي بقصيدة دالية الروي لم أر لها مثيل في فصاحتها قال فيها :
أصاعقة كبرى أم الصم تنهد أم النشقة العلياء فاقترب الوعد
أم الأرض بالزلزال مادت بأهلها أم الموت صالت منه جيش هي الأسد
فثلت عروش الدين والفضل والتقى وزعزع صرح الحق وانتلس المجد
وهي طويلة تركناها اختصارا وهي عند السيد العلامة محمد بن يحيى الحوثي ، هذا ولو جمع له جميع التراثي الذي قالها رحمه الله تعالى لكانت ديوانا كاملا ، غير أنها ذهبت أدراج الرياح لم نعلم بيد من صارت إلا البعض منها خصوصا ماقاله في سادتي العلماء آل الهاشمي فإنه حرص على حفظها لما ترجم له ولأخيه أويس زمانه القاسم بن عبدالله الهاشمي .
... هذا وله ولشيخه حجة الله في أرضه محمد بن إبراهيم المؤيد الملقب حورية ديوان كامل مزبور لدن السيد الأديب العالم عبدالوهاب بن علي المؤيد الملقب حورية عجزنا عن استخراجه منه لتصويره وعسى عسى أن نفوز بذلك هذا وله تخميس لقصيدة الهادي بن إبراهيم الوزير الذي أولها :
صفحہ 13
أقاويل غي في الزمان نواجم وكم وكم له في الشعر من مجال هذا ، وقد أجازه العلماؤ الأعلام ، فأجازه شيخه المحقق المدقق بحر العلوم الغزير عز الإسلام محمد بن إبراهيم المؤيد وقد أشرك معه زميله العلامة عبدالله بن إسماعيل الحشحوش إجازة تامة في جميع مقروءاته ومسموغاته ، وأجازه المولى العلامة جمال الإسلام وترجمان الأنام الذي لايشق له غبار السيد علي بن محمد العجري ، كما أجازه سيدنا العلامة عنوان العلماء أحسن بن محمد سهيل رحمهم الله تعالى ، كما أجازه السيد العلامة محمد بن أحسن الوادعي ، كما أجازه العلامة القاضي أحمد بن محمد الشمط .
وله فضائل لست أحصي عدها من رام عد الشهب لم تتعدد
وللحليم إشارة .
أما الورع فقد كان أورع أهل الناس فلقد كان يدع الحلال خوفا أن يقع في الشتبه مع عز نفس فلقد كان يترك القرضة من أهل صعدة لأنه سمع من سفهاء أهلها أنه لايلقي الخطب من على منبرجامع الإمام الهادي إلا ليعطوه ويركنوا عليه ، فلعزة نفسه ترك القرضة من أهل المدينة ، أما من تكلم في جانبه فعقابه على الله الذي يعلم خائنة الأعين وماتخفي الصدور ، ولقد خرج يوما من جامع الإمام الهادي بعد التدريس فلقي سيدا من أهل الحاجة ووجهه متغيراللون ، فقال له : سألت أحد أهل السوق من أهل صعدة قرضا لأني وأهلي لانجد الغداء فكهرني وقهرني ورد علي بكلام قاس بلاه الله بالحاجة والفقر ، فأجابه الوالد : لاتحزن إني سأقدم حاجتك قبل حاجتي ، فطرح الكتب وسار يقترض لذلك السيد من حي الحاج صالح مفتاح رحمه الله ، وبعد ذلك مشى في قضاء حاجته ، ومن العجيب أن الله عاقب ذلك التاجر - الذي بزر بالسيد - بالحاجة والفقر ، عرفت ذلك أنا .
صفحہ 14
ووقعت للمترجم له مع السيد العلامة محمد بن أحسن الوادعي أيام كان ناظرة الشام في مركز السنارة أيام الإمام يحيى بلغه أن الناظرة نفذ على بعض المؤمنين في أول شهر رمضان الكريم ليس لهم ذنب إلا أنهم صاموا يوم الشك وما أحد من العلماء اعترض عليه خوفا من بطشه ، فصلى الظهر في اليوم الثاني من رمضان ثم طلع إلى مركز السنارة ، ودخل على السيد محمد بن أحسن الوادعي وحال دخوله قال : السلام على من اتبع الهدى ، فأجابه الناظرة قائلا : مالك يافقيه والتعصب ، فأجابه : اللع يعلم أينا المتعصب ، هل أنت مسؤل في العبادات أم في المعاملات ؟ فأجابه الناظرة : بل في المعاملات ، فأجابه الوالد : فكيف نفذت على مؤمنين قاموا لله بطاعة ، فأجابه الناظرة قائلا : قال جدي من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم ، فأجابه الوالد : لم تصح لنا طرقه وعندنا ماهو أقوى منه ، وهو قول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب حيث قال: " لأن أصوم يوما من شعبان أج إلي من أن أفطر يوما من رمضان " روى ذلك الإمام القاسم بن محمد في الاعتصام ، فأجاب القاضي علي الشامي : لم يقل إلا وقد رأى الهلال ، فأجابه الوالد هذا لايلقيه ذو علم ، وهذا نقص في الناظرة بأن يكون صادرا من جنابه ، ألم تعلم أنه باب مدينة علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أما وقد رأى الهلال فلاشبهة ولاشك ، واستمر بينه وبين الوالد المذاكرة إلى قبيل صلاة العصر ، أخيرا قال الناظرة : والله لو قلت لكم ياعلماء الشام بأجمعكم تشهدوا لي زورا لشهدتم لي زورا ، فكبرت المقالة عند الوالد رحمه الله ولكنه أجابه وقال : كذبت والله لو ملأت لنا هذا المركز ذهبا وفضة على أن نقول كلمة زور ماقلناها ، فافعل ماشئت ، فاغتاض الناظرة من جواب الوالد ، ثم قاموا يصلون العصر وجهر بالبسملة يريد إذا عاد في قلبه شئ يخرجه لكنه لما أتم الصلاة غادر إلى البيت واحتجب عن الناس فإن دل هذا على شئ فإنما يدل على صراحة الوالد الذي يتكلم بالحق لاتأخذه في الله لومة لائم فرحمه الله وأسكنه فسيح جناته .
أما صورته فلقد كان ربعة من الرجال لاطويل ولاقصير حسن الصورة جسمه أبيض جميعه إلا أنه يعتريه أدمة في وجهه لجدري أصابه في صغره لاعاهة به .
أما مولده رحمه الله فكان في سنة 1323ه بمدينة صعدة المحمية بإمام اليمن محيي الفرائض والسنن .
وأما وفاته رحمه الله فكانت في سنة 1380ه ثمانين وثلثمائة وألف هجرية . ... ... ... ... ...
صفحہ 16
أما في مجال العبادة فلقد كان العلم الذي يهتدى به في ظلم الدجى كان له في كل ليلة راتب لايتركه أوله بسم الله الرحمن الرحيم الله أكبر الله أكبر الله أكبر وأعلى وأجل وأعظم مما أخافه وأحذر ، وهذا من أدعية زين العابدين مع رواتب ونوافل كان يصليها في جوف الليل ، ولقد اطلعت عليه ذات ليلة وهو يصلي فأسرع بالركعة التي كان فيها ، وقال لي : أفزعت لأنه كان فوق جبا المكان حقه وعادتي أن يكون في مكانه ، فقلت : قليلا ، فقال : لست أقوم بعبادة غير أني هذه الليلة سهرت فعزمت على ركعات تغطية منه علي لأنه يريد إخفاء عبادته وإلا فكم ليلة أسمعه وهو يناجي الله سبحانه وتعالى ويبكي من خوفه شهورا وأعواما لايطلع أحد على ذلك إلا أن مكاني قريبا من مكانه فأسمعه ولقد وقع بينه وبين ناظرة الشام محمد بن أحسن الوادعي صحبة عظيمة فجعله كاتبا مع المحبشي الذي كان حاكما بصعدة فكان يتنازع غيمين عند الحاكم المذكور فأحالهم إلى الوالد رحمه الله وكان بيد أحدهما حكما من مولانا السيد العلامة أحمد بن إبراهيم الهاشمي رحمهما الله فتأمله الوالد فحكم بموجبه ، فلما علم الحاكم ضج لذلك الحكم ، ورفع إلى الناظرة بما فعله الوالد ، فأجابه الناظرة : نحن لم نفعل القاضي العلامة محمد بن يحيى مرغم لإلا ليعينك على أكثر المسائل وإلا فما أحق الكاتب بأن يكون كاتبا وقد بما أنزل الله ، ثم جعله السيد المذكور مقتظيا لنذورات الإمام الهادي بخولان فاغتنم الفرصة في إرشاد العوام في تلك الجهات .
وكان يتعب نفسه سيرا على الأقدام ، فأصلح الكثير والكثير ، وفعل المحاسن في السعي لبناء المساجد وتعليم الصلاة ، وأمرهم أن يعلموا نساءهم الصلاة ، وأن يولفوا أةلادهم عليها وعلى الخروج غلى المساجد معهم .
صفحہ 17
هذا ولما مات مولانا السيد العلامة التقي الولي أحمد حجر عظم الخطب على المتقين في صعدة ونواحيها قام الموظفون في السنارة بتحصيل تعازي فيه شعرا نقلوها من بعض الكتب فعرضوها على الناظرة السيد العلامة محمد بن أحسن الوادعي فلما نظر إليها رمى بها من يده وقال لهم : يامباليع يامخاذيل أتحسبون إنا بقر ، هذه الأبيات من الكشاف نقلتموها ومن شرح النهج وغيرهما انظروا أحد العلماء ، إن التعازي سترسل إلى الإمام ، وإلى سيف الإسلام أحمد ابن الإمام وإلى العلماء ، فقالوا : إلى من نرسل ؟ - وهو ساكت عنهم - فقال لهم الأخير : أرسلوا إلى القاضي العلامة محمد بن يحيى مرغم ، فأرسلوا في الحال عسكري وبغلة ليركب عليها الوالد ويطلع غلى السنارة ، فلما وصل الرسول قام الوالد غلى سيدي العلامة المرحوم عبدالله بن إسماعيل الهاشمي ليستشيره في ذلك فأشار إليه بالوصول وسيصلون الظهر مع الوادعي في بير بيت المال ويطلعا معه ، وفعلا ذلك ، فلما وصلوا إلى ذلك المركز وتغديا قال له مولانا السيد العلامة عبدالله بن إسماعيل الهاشمي : إفعل ترثية ياسيدنا محمد وسلمها للكتاب ليعرضوها على الناظرة وينقلوها ، فنظم لهم قصيدة كاملة ، فعرضوها عليه فاستحسنها ، وقال لهم : هكذا يفعل أهل العلم ، ثم نظم لهم ثانية وثالثة وكل ذلك كان يعرض على السيد العلامة محمد بن أحسن الوادعي فيوافق عليها ، غير أنه في آخر الصحبة بينه وبين الوالد رحمه الله أرسل أولاده غلى الوالد يردرسهم العلم الشريف فدرسهم فترة يسيرة ، وذات يوم - وهم في حال الدرس - رضى أحدهما على معاوية ، وهما عبدالله وعبرالرحمن ابني محمد بن أحسن الوادعي فقال له الوالد رحمه الله : هكذا ترضي على عدوالله وعدو رسوله وعدو عترة الرسول ، قم لاأقامك ، وأضرب عنهم وعن تدريسهم ، فبلغا أبوهما ، فوقع الخلاف بينهما كما قدمنا في الخلاف في صيام يوم الشك ، ومنه كانت ثمة الحبس للوالد رحمه الله ، وفعل عليه رقباء ممن أضمروا العداوة لآل رسول الله ، فلما توفى العلامة قاسم حسين المتميز قام يعظ الناس ، وقال في ذلك الخطاب : التجار هم الفجار إذا لم يخرجوا حق الله ، وعمايم فوق بهايم إذا لم يعملوا بعلمهم ، فشكوا الوالد إلى الناظرة صوريا فحبسه لأنه كان في قلبه عليه مافيه ، وهو يعلم أنه محق والآخر مبطل لاحول ولا قوة إلا بالله :
لهوى النفوس سريرة لاتعلم كم حار فيها عالم متكلم
صفحہ 19
ولقاء الله قريب ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ، فلما علم سيدي العلامةإبراهيم بن محمد الهاشمي أن الوالد محبوس ركب وسارع إلى مركز السنارة إلى السيد العلامة محمد بن أحسن الوادعي ، فلما وصل شنق الفرس ، وقال للبواب : الرجهة يارجعة لاأحدا يعطي الفرس شيئا لاقضب ولاغيره فهي مضربة عن الطعام ، وأنا مضرب حتى يخرج سيدنا العلامة محمد بن يحيى مرغم من الحبس وقال للناظرة : مايقول لك الله تحبس أحد العلماء لأنه أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ، وكثر في مرصعته فأجابه السيد المذكور : سأخرجه ياولد إبراهيم ، لكن العلماء سيطلعون يراجعون فيه ، وإذا كنت قذ أخرجته لأجلك غثاهم ، فطلع العلماء بأجمعهم سيدي المولى الحجة مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي ، وسيدنا العلامة الحسن بن محمد سهيل ، وكثير منهم سيدي العلامة عبدالله بن إسماعيل الهاشمي فأخرجه ونزل معهم من المركز المذكور ، فسبحان الممهل غير المهمل ، غير أن السيد العلامة محمد بن أحسن الوادعي في آخر مدته تاب وأرسل إلى الوالد فلما وصل إلى المركز قالوا له: قال الناظرة تدخل ، فلم يعترضه أجد ، فلما وصل إليه رحب به وكان عنده اثنين من سادة وادعة فقال لهما : تأخرا من القاضي العلامة ، فقال الوالد : شوعة منهما لأنهم سادة ولهم الحق والرسول يقول : ( قدموهم ولا تقدموهم ) فأجابه الناظرة قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( نزلوا الناس منازلهم ) ثم قال لهم : قوما إلى المكان الثاني فإني أريد القاضي العلامة محمد بن يحيى مرغم في حاجة خاصة بي وبه ، فقاما وخرجا واختلى بالوالد رحمهما الله ، ثم قال له السيد العلامة محمد بن أحسن الوادعي ياقاضي قد شغلتك وحبستك وأنا والله أعلم أنك على الحق وأنا على الباطل ، وبكى بين يديه ، وقال سامحني إلى الله وإليك ، فأجابه الوالد رحمهما الله : سامحك الله سامحك الله في الدنيا والآخرة ، إن لم يكن لك ذنب أذاتي وحبسي فسامحك الله
صفحہ 20