حساء الفراشات
عزف منفرد
البوح
صهيل
الخريف
أمي
الموقد
صوفي حتى الرمق
عن المرأة الأخرى
الملح
الظل
طرق
السرمد
الموت
أزهار
فانوس واحد
يا من يشبه القمر
الأربعين
تجل
رائحة
الكثرة
القلب الحجري
يداك!
الجمر
النصف الآخر
أحلامنا
شتلات
الشفتان
اكتفاء
نهر الوقت
الطعم الكرزي
مغادرة
الصوت
فراق
الغبار
ليلة الاصطفاء
فراشة جديدة
ضلال
هجران
خلخال
الأصل والظل
زنبقة
الجرس
أغاني المسافات
الغابات
النار
المصباح
لا تقفل قلبك
شتاء
بين يديك
المحبوب
غوغاء
الكتمان
شذرات
بحث
ليل وعطر
مرآة
مهرة بيضاء
بلا انقطاع!
بعض الأشياء
فيض أغنية
الأجوبة
حفلة شواء
النبع المقدس
الطيور الميتة
حوارات لا تسمع
البساط السحري
القلب الرملي
إقصاء
حيرة
ياسمين
أول المسعى
خداع
نقص
أزهار وقناديل
صفاء
مستقر
الموعد الأول
صمت وضجيج
تمدد
ذنب
هل ستأتي؟
نجمة
حكاية
الفرار
إغواء
حجر النرد
زمن باهت
حساء الفراشات
عزف منفرد
البوح
صهيل
الخريف
أمي
الموقد
صوفي حتى الرمق
عن المرأة الأخرى
الملح
الظل
طرق
السرمد
الموت
أزهار
فانوس واحد
يا من يشبه القمر
الأربعين
تجل
رائحة
الكثرة
القلب الحجري
يداك!
الجمر
النصف الآخر
أحلامنا
شتلات
الشفتان
اكتفاء
نهر الوقت
الطعم الكرزي
مغادرة
الصوت
فراق
الغبار
ليلة الاصطفاء
فراشة جديدة
ضلال
هجران
خلخال
الأصل والظل
زنبقة
الجرس
أغاني المسافات
الغابات
النار
المصباح
لا تقفل قلبك
شتاء
بين يديك
المحبوب
غوغاء
الكتمان
شذرات
بحث
ليل وعطر
مرآة
مهرة بيضاء
بلا انقطاع!
بعض الأشياء
فيض أغنية
الأجوبة
حفلة شواء
النبع المقدس
الطيور الميتة
حوارات لا تسمع
البساط السحري
القلب الرملي
إقصاء
حيرة
ياسمين
أول المسعى
خداع
نقص
أزهار وقناديل
صفاء
مستقر
الموعد الأول
صمت وضجيج
تمدد
ذنب
هل ستأتي؟
نجمة
حكاية
الفرار
إغواء
حجر النرد
زمن باهت
حساء الفراشات
حساء الفراشات
مجموعة نثرية
تأليف
أمامة اللواتي
حساء الفراشات
حساء الفراشات، 2017م.
أيها الممتد في شرايين السكون،
انتظرني؛
وسأعد لك حساء الفراشات كل يوم.
سأسرق النجوم من عيون السماء،
سأشعل البراكين في قاربنا الوثير،
سأكتب للجنائز قصائد هستيرية ضاحكة،
سأحول مسارات الكواكب والأقمار والشهب والنيازك؛
لن تعود الأرض كما عرفتها يوما.
لن أحبك!
غير أني سأقتفي خطاك،
سأطارد روائحك الخريفية أينما حلت،
سأعبث بالصيف الذي يتركك مسترخيا حد الذبول،
سأحطم الأصنام التي تعبدها،
ولن أترك باب المغفرة مفتوحا!
سألتمس الشتاء في معاطفك الدافئة،
سأشعل المواقد القديمة،
سيكون لي كرسي هزاز،
وشمس حارقة حد الاكتواء،
سأكتب كثيرا،
سأسكب القهوة مرارا،
سأمسح على قلبي أحيانا،
ولن تلاحظ ذلك؛
فقد رحلت الفراشات
إلى ضوء الحياة.
عزف منفرد
سريلانكا، 2016م.
نحن العازفان بلا نغم،
نحن الراقصان بلا موسيقى،
نحن الضاحكان وحولنا الدم،
نحن العارفان، لا هذا الكون!
أصغ إلي،
واترك غثاء القوم؛
أنا السحر المصفى،
أنا الفردوس المفقود،
أنا التي صرعت الحياة،
هادنت الموت.
فترجل عن صهوة النشوة،
فأنت الصدفة التي ضلت إلي.
البوح
حصن الحزم، بهلا، سلطنة عمان، 2019م.
كم جميل لو بقينا غرباء!
نتبادل تحيات الصباح وابتسامات المساء،
وكل يوم نتناقل أخبار الجرائد،
وتحدثني عن الأبراج والحظوظ،
وتقرأ خطوط الحياة في يدي،
تلك المزخرفة بالعجائب.
كم جميل لو بقينا غرباء! لتبقى الحدود،
وتنكسر فينا دوما أماني الوصال.
أحدثك عن جدتي الراحلة،
ورائحة التبغ والبهاء في أحضانها.
تحدثني عن قطتك الهاربة،
وموائها الصباحي في أحضانك.
أبقتنا الغربة أصدقاء.
تمنينا أن نكون غرباء.
أخبرتك أني تعيسة؛
أحدث ظلالي كل مساء،
وأضحك من جديد،
حين يشرق ضوء الصباح.
أخبرتني أني غريبة،
وأني يجب أن أتوقف عن بوح النساء!
وهكذا،
عدت أتبادل معك تحايا الصباح،
وأخبار الجرائم،
وطالع برجي المتيم!
صهيل
المغرب، جبال أطلس، 2017م.
أشم رائحة الصهيل وينهمر المطر،
يتساقط الينبوع ويمتلئ كأس الهوى.
أنا والجواد وموعد في الغابة القصوى،
نقرأ الكون ويسقط المعنى،
ويبقى الثغر موطن المغزى،
ونبحر حتى الغياب لا نأبه للمرسى،
ونرقص حتى الجنون فندرك الغيث،
وتتراكض قدماي تسابق المدى،
عدوا أنا والفرس نقبل العشب؛
فتغار الريح من شغف ألم بنا،
فنعدو وكأن السماء لنا الوطن.
قدماي وحوافر الفرس توأم خلقا،
وصهيله قلبي الذي نطق
في الكبرياء نحن كعاشقين،
نصهل في العناق ونصهل في الفراق،
نجدل ضفائرنا كفرسين ، كفتاتين،
وأغيب أنا في عرفك الحالك كليل الهائمين.
حمحم يا جوادي؛
فأنت اليوم دون سرج،
وأنا اليوم دون حمل،
وكلانا في الأرض يصهل،
وكلانا على وقع مزمار حر طليق؛
فتصبح أنت المرأة،
وأصبح أنا الفرس.
الخريف
ألمانيا، البافاريا، 2017م.
أرصفتي التي تساقط فيها الخريف.
المدفأة في العمق، غير أنها لم تنبض من سنين.
جدراني الملطخة ببقايا الرماد.
تحت الشرفة أبحث
عن بائعة الكبريت.
تغدر بي الأقدام،
وتحملني إلى زوايا العاطلين.
تغرق خرائطي، ينهشها المطر،
كارتباكات التائهين.
أفترش الزقاق،
وأتسخ بقروش المحسنين.
وفي العتمة أتسلى
بأعواد الثقاب المطفأة.
أمي
ألمانيا، البافاريا، 2017م.
تسألني أمي من «الجنة»:
كيف الأحجار على درب
يوما كان منثورا بالورد،
وخطاه أعماك، أدماك حتى أتقنت السير؟
كيف الأعشاب على سفح أدمنت فيه اللهو؛
فألقاك من علو قلبا منقوص النبض؟
أما زلت تعتقدين أني على سفر
أسأم منه، فأعود بلا رغبة؟
أولست من أفنيت الزمن في الغربة؟
أما زلت تنتظرين رؤياي في الأحلام
في صفحة قلب مدمى؟
أعلم أن الأوهام لديك أصفى،
وأن جدرانك لا تحمل صوري، لا تحمل رسمي؛
لأني لست سوى في المنفى.
لكني قسما في البعد الآخر أحيا.
يا فلذة عمري الحائرة،
أنت بلا أبعاد حقا!
كان جوابي:
يا أمي، عودي
كي أسمعك الرد!
الموقد
إيران، قرية أخلمد، 2016م.
تلك الغابات البرية، الأنهار المستكينة،
الفضاءات المعزولة في القلب،
تدفقت معها مرارا. في صمتها، في نشيجها، في ذهولها،
أبصرتك فيها!
في كل قطرة، في كل زهرة، في كل برعم، في جزء الجزء،
لكنك لم تبصرني!
رغم أني عبرت عتبات منزلك على التلة مئات المرات،
تسلقت أشجار حديقتك شجرة شجرة،
حفظت أسماء فراشاتك وطيورك وحتى زهورك التي لم تتفتح بعد،
وحين رأيتك ذات ليلة عاصفة، تقف مرتجفا، وحيدا؛
هوى قلبي تحت قدميك،
وأصبح موقدا صغيرا يشتعل في وسط الدار.
صوفي حتى الرمق
الهند، قطب منار، 2020م.
العتمة واسعة في قلبي،
كثقب أسود يبتلع نجوم الكون،
يفترس يقيني،
ويسرقني من ربي،
من نافلة الخلد .
لكني صوفي حتى رمقي.
أحوم حول حواسي
منغمسا في الوحل،
لكني أذوب في الرب!
وكل الخطأ
أني خلقت إنسيا من طين،
يتشكل حسب الضوء.
جزوعا أوجدني الرب،
لكني صوفي حتى الرمق! •••
أتأمل في ناري،
تحرقني حتى الدفء.
أتلمس تلك الثمرة،
وتصرخ في النشوة.
صوفي حين أعشق،
لكن شيطاني يدرك
أني إنسي لا ناسك! •••
من خلق الرغبة
في الطين المفرغ من معنى؟
من ألقمني أن أتمرد؟
من ألهمني أن أصهل
حين أكون صوفيا يتشهد؟
أنا ما كنت أنا
لولا إثمي المنكر،
أنا ما كنت أنا
لو صرت ملاكا أتعبد.
أنا لست سوى
صورة من صور الرب الأوحد! •••
في القلب رجاء
لا خشية عبد آبق،
في العين ضياء
لا خوف أجوف،
لكنه في عمق الشهوة
يبصر ما كان خفيا.
أنوار ترقص حول التوبة،
وعينان بلون الفجر الأول.
صوفي حتى الرمق.
وصلاتي أتلوها منتشيا
في حضرة مولى مكتمل،
لا طينا ما زال يتشكل! •••
ما خطبي وأنا في المنفى،
في الأرض الموحلة المسعى؟
ألا أشتاق إلى المطلق،
وإلى مائي وطيني،
إلى رحمي الأول؟ •••
صوفي حتى الرمق.
وفي خمري وهذياني،
أبكي إلهي الأول.
قسرا أبعدت عنه،
عن خمر يجري
في الشريان والمنحر،
عن عين تقرأ ما لا يكتب،
عن حورية ليست بأنثى،
عن نشوة ليست ترى.
يا ويلي ويا ويلي!
كم لهذا الصوفي أن يصبر
حتى يبلغ الرمق!
عن المرأة الأخرى
براغ، التشيك، 2017م.
وحين علمت بموتي؛
أدركت أني يجب أن أكتب كثيرا،
وأن أصلي كثيرا،
وأن أتوقف عن شراء الأحذية
التي لن أسير بها مجددا.
رددت اسم المرأة الأخرى،
تلك التي أزاحني القدر
من أجلها.
ربما من أجلي.
فكان لها أن تسلبني
الحياة.
وقبلها
ما توهمت أنها السعادة!
ستأتي امرأة أخرى بعد موتي؛
سيدفئها وشاحي،
وستتأمل اللوحات التي علقتها بنفسي،
وستسقي نباتاتي التي زوجتها للماء في زجاجاتي،
ستقيس أحذيتي التي أحبها كثيرا،
ربما ستلقي بأرديتي بعيدا،
وستضحك مع ما تبقى مني.
ستأتي امرأة أخرى بعدي؛
ستنتفض لسماع أخباري،
ستسر لأني لا أستطيع العودة،
ستأسرها عطوري،
ستشعل البخور الذي اشتريته من جاراتي.
لن ترى بالتأكيد خطوط أقلام التلوين،
تلك التي أمسحها باستمرار من على الجدران.
ربما ستذوق الطعام من قدوري،
وتصنع الكعك المحلى صباح كل جمعة.
ستأتي امرأة أخرى من بعدي.
ستزداد الغربة،
وتطير العصافير من أقفاصها.
ببلاهة قد تنظر إلى كتبي،
التي سيتراكم الغبار عليها.
ستلقى بإهمال في أعلى السطح،
ستتآكل كما تآكلت عيوني.
ستأتي امرأة أخرى،
تفيض أنوثة،
حينها ستكون ينابيعي قد جفت.
ستأتي بشعرها القصير،
سأكون حينها فقدت شعري الأسود الطويل.
ستصاحب أبنائي،
سيصاحبونها.
وسأمضي أنا إلى أمي،
سيكون حديث بعد صمتها الطويل.
سأمضي إلى أحضان جدتي الوثيرة،
إلى أنفاسها الضاحكة.
وستسقط دمعتان،
من عيوننا جميعا،
ربما من عيون المرأة الأخرى أيضا!
الملح
بحيرة جاليدرة، إيران، 2016م.
كنت أجدل الشطآن عند المساء،
وأرسم القمر بلا انقطاع؛
في سبيل هذا الليل
الذي يستعمر القلب حتى الصباح! •••
ذرات الرمال تغفو على جانبي،
رغوة البحر تترصدني.
تلك الرمال باردة حد الرعشة.
وحين تنهشني مكائدك؛
يتناثر الملح فوق شفتي،
يرتفع الزبد في مقلتي،
يخنقني البحر في جوفه؛
فأرتد طافية كسمكة ميتة! •••
في البحر، معك
أشعر أني على أبواب الجحيم؛
تعصرني الحمى،
كثعبان يلتف حول طريدة،
يعذبها، يتلاعب بها،
يعصر منها ذكرى كل لحظة،
ببطء يدس السم في ذاكرتها، يلوثها،
يشعل الجنون في عذاباتها. •••
أدركت كيف يمكن أن نفقد العمر قبل الموت،
كيف نحتضر وقوفا على قدمينا،
كيف نتكئ على المقابر في كل شرود،
كيف يكون الحب مهزلة
حين يروق لنا،
أن نحب دون ثمن!
الظل
تكساس، الولايات المتحدة، 2015م.
وحدي
أحاول انتشال ظلي
تحت شمسك اللاهبة.
ويحي من ظلي يتبعك أنت لا جسدي!
حين سقطت
أدميت وجودك حد الاحتضار،
بقيت ملقاة
أجود بأنفاسي،
ألوذ بنفسي أن تشفق على بعضي،
لكن في قلبي قسوة تؤثرك على كمدي.
ويحي من شغفي؛
إذ يهديني قربانا إلى نفسي!
طرق
لبنان، 2015م.
وقفت أطرق أبواب روحي كلها،
وكأنما أطرق المسامير،
ثم أنزعها!
تلوت من حولي سفر الوصايا،
وهززت إلي بجذع الصبر ؛
فانفطر.
أدركت أني
المصلوبة إلى خطاياك،
الممسوسة حتى الانتشاء،
حتى النخاع،
حد الارتواء.
لكني أعود عطشى حين تخذلني،
حين تدنو مني المرايا،
وأبصر شوقا ليس إلي! •••
هلا سقينا بعادنا وردا،
هلا رقصنا على انطفائنا سرا؛
فما اشتعل الرقص يوما،
فنا وسحرا،
إلا بأنفاس الغرباء!
السرمد
النمسا، 2017م.
أيها السرمد المبجل،
قف وداعب صمتي المسور بعشق المجهول.
لم عليك التأرجح بين الخلود والممات المؤبد؟
لم على هذا الوجود أن يساومنا بمفارقة الألفة والفناء؛
لننهل من معانقة الغربة والبقاء؟
أي اختيار يكون، والقبر دوما سر دفين؟
لماذا عند انقطاع النفس
لا نتلاشى فحسب،
كالهباء في الأثير،
بل كالنور الأبلج يرتقي عند المسير؟
لماذا يجب أن نتوسد مرتعا مدلهما؟
يضج، يضج،
ضجيجا مهلكا بصمت مهول،
يطول، يطول.
الموت
المملكة المتحدة، ستراتفورد، 2019م.
الموت مناسبة جديدة،
لا نحسن إعداد المآدب لها!
أزهار
تركيا، 2016م.
وقفت طويلا،
لم أكن أحمل أزهارا،
لم تكن تحمل أزهارا،
ولا حبات من الكرز.
قدماي حافيتان،
تشربان ماء البحر المالح.
قلبي زورق مهجور،
على موعد بنذر قديم! •••
لن يأتي!
كيف لبحار غريب
أن يزرع في الصمت البساتين؟
كيف لعاشق ليل
أن يهديني الشمس كل مساء؟
لن يأتي،
من لا يزرع الأزهار،
من تغرق قدماه كل صباح
في شباك قصيدة أو طريدة،
من يبلله البحر،
لا يسكن قلبه،
لا أسكن قلبه!
فانوس واحد
صلالة، عمان، 2018م.
هل بوسعك أن تصحبني
إلى قمم الجبال التي لا يراها غيري؟
أن تعيرني موسيقاك،
حين تنشف الآهات مني؟
هل تدرك الجداول الصغيرة
أني الحالمة التي تركتها
عند صفحة المحيط؟
أبصر كل يوم رقاقات الذهب
تتماوج في قلبي،
أدفنها وألقي بأساوري
بين قدميك.
فانوس واحد يكفي كي يضيء صمتي،
وردة واحدة لا تذبل
هي طلسم للسرمد.
كن قادرا على الطيران مثلي دون أجنحة،
كن شمسا خارقة،
كلما دنوت منها، تركت معاطفي للشتاء.
كن شتاء محرقا، كلما هب في أوصالي؛
أشعل النار بجوار خيمتي السماوية.
بوسعي حتما أن أعبر الطرقات دونك،
غير أني أرغب بالتوقف على جانبي الطريق؛
حيث الزهور على مد البصر.
وعبر عينيك،
أفتح روحي على اتساعها بانبهار.
يا من يشبه القمر
كشمير، 2019م.
تشبه القمر!
أرى منك الاكتمال يوما،
والنقصان كل حين!
الأربعين
سريلانكا، 2017م.
في دهشة الأربعين
سأخبر قلبي أن الدروب كثيرة،
وأني ما اجتزت إلا اليسير.
سأجمع الياسمين من شعري الطويل،
وأتركه يفوح لغزا آناء المساء.
سأطارد الغزلان الرشيقة،
وأحتسي خمر الذهول.
سأبحث عن سبعة أقزام،
وفتاة مسحورة.
في تابوت من زهر الغابات،
في دهشة الأربعين،
ستكون عشرون شمسا،
وعشرون وردة،
قد نمت في الوريد.
سيكون الكون طوعي؛
أعبر الماء وأطوي المجرات،
وأرتقي البراق.
حتما ستكون الروح مثقلة
باختلاجات السنين،
غير أن العجب
أني لا أذكر
جل الذي مضى،
وكأن في الأربعين
ترحل النفس عن وطن الحنين!
تجل
الهند، قطب منار، 2020م.
كل يوم تهرب شراييني مخافة أن أقطع النهر،
كل يوم ينحرف مسار شوقي وأفقد بوصلتي إليك،
كل يوم أفقد وعيي في صلاتي؛ إذ تتجلى حيث أزهد فيك!
رائحة
فرنسا، 2018م.
يقولون إنهم أبصروك تأتي وترحل.
كنت بعيدة،
لكن رائحتك في كل مرة
تبقيني متوردة حتى الصباح!
الكثرة
التشيك، 2017م.
قلبي الذي يدرك كل شيء،
أصبح لا يستيقظ.
هل جئت لتحملني إلى سبات عميق؟
أنفاسي الهادئة
لم تنقطع عن اللهاث،
عيناي لا تبصران النور رغم الشمس الساطعة.
احتويت كل الأزمنة إليك،
تجاوزت مداي
واحتراقي وانطفائي،
لكنك الواحد،
ولا حاجة لك بالآخر،
وأنا الغارقة في الكثرة،
لا حاجة لي بسواك!
منذ متى
بقيت أنا في هذا الجوار؟
أسألك،
لأني لا أعلم كيف ومتى قادتني قدماي إليك!
القلب الحجري
مراكش، المغرب، 2017م.
منذ متى وقلبك الحجري يسأل عن قلبي؟
ألم تدرك بعد أنه معك داخل صخرتك القاسية؟
يداك!
أستراليا، ملبورن، 2019م.
يتركني بهاؤك وجلة،
فلماذا تبديت لي دون سواي؟
ما لغز المتاهات التي تقودني إليك كلما ضللت؟
ما تلك الخمرة التي تسكبها في صدري؛ فترشدني إليك رغم اكفهرار السماء؟
ورغم قسوة العناق، لا يد أخرى تشبه يديك!
الجمر
إيران، 2016م.
أسفح دمعا وأتلاشى في المطر،
أترك نفسي للتيه، للغفلة،
حد نسيان كياني؛
فيعيد إلي شوقك ذاكرتي.
أنساك، أتجاهل أنك هنا وهنا وهناك،
فتباغتني نفسي إذ تتجلى في صورتك!
ما أشد سطوع النور في نهاية النفق!
وما أطول اجتيازه على جمر من النار!
النصف الآخر
2019م.
لأنك في النصف الآخر من القلب،
الذي يقع بعيدا في طرف العالم؛
أجد السكينة حين أستيقظ.
لا تخبرني متى ستعود،
سيرتبك نصفي هنا،
ويتبعثر كزهرة هزتها الرياح. •••
حين أبدأ بالحديث عنك؛
أتشكل من جديد،
كفراشة خرجت من عزلتها للسماء،
محتارة من بقايا التراب المتساقط! •••
لم آت إلى الدنيا عمياء؛
كل الصور معتمة أمامي،
الأصوات تنبجس في قلبي،
الظلال تتراقص حول بدني.
لا يهم!
ليتني فقط أنصت لصوت العالم،
حين تنفس لأول مرة؛
لكنت أول من التقاك!
أحلامنا
تونس، 2017م.
آه لو عرفت أحلامنا بساطة قلبنا؛
لما تكلفت مشقة أن تزورنا.
أه لو عرفت أحلامنا ما أحلامنا؛
لغضبت وانكسرت،
ولأقسمت ألا تداعب صبرنا.
آه لو عرفت أحلامنا أرق
المقاتل والعاشق والعابد والمكلوم؛
لما تكبرت وتعنتت.
آه من أحلامنا التي لا تفهم أحلامنا،
وتغتصب كل ليلة بكارة ليلنا!
شتلات
الأردن، 2018م.
والآن أخبرني،
عن تلك الشتلات التي زرعتها حين ثمل الربيع،
عن رطوبة القلب، وقبلاتك تتناثر بين الفصول،
عن أول برعم، عن ذكرى الرائحة الأولى،
عن لحظة انكشاف التربة للوردة، عن أول انهمار،
عن روحي التي تتورد حين أصافحك،
عن ثغرك الذي ينتشي حين أثرثر،
عن تعاقب الشمس والمطر وأنت صامت،
عن يأس الغيوم المترقبة عند تخوم صحرائك،
عن سنواتي وخريفي المشبع بالصخب،
عن تلك الغارة المفاجئة التي ستقتلنا يوما،
عن أزهاري التي سترتوي من الغيث!
الشفتان
تركيا، 2016م.
غارقة هاتان الشفتان
في تقبيل باحاتك، أسطح منزلك،
شجيرات الليمون عند نافذتك، بزتك الداكنة،
وجهك الحليق، جبهتك العنيدة.
غارقة حواسي في اكتشاف عطرك بين العابرين،
في شتلات الورد المخبأة في الباحة الخلفية،
في رائحة البارود الذي لم أبصره يوما.
ليتني أقبض الزمن هنيهة وأنا معك؛
فلا أفلته، فلا أفلته!
اكتفاء
تونس ، 2017م.
مرت قرون منذ التقينا.
قبل عقدين أو أكثر
نقشت ألف لوحة على جدراني،
وعلى وجهي مرت سنون عاصفات.
لست حقا أبغي الغرام.
من يرتجي من ظل وصالا؟
لكن قلبي حين عاد إلي؛
لم يجد في ثناياك قلبا!
طمر الحزن حسنا،
في يديك صار تبري ترابا،
أما يكفي انشغالا؟
أم حتى موتي سيكون دربي
إليك عذابا؟
خذه، هذا الشوق،
قد اكتفيت
كسرا وهجرا وانفصالا.
دع سواك يحمل
الورد والنعش وبقايا الرفات!
نهر الوقت
النمسا، 2017م.
لا تحدثني عن نهر الوقت الذي يمتد بيننا؛
فأنا لا أجيد الصيد في الأنهار.
وكل يوم يجرفني الطين،
ويشكلني من جديد؛
فيمتد الوقت،
ويجري النهر.
الطعم الكرزي
تكساس، الولايات المتحدة، 2015م.
مر زمن طويل منذ أن عدت فيه من الموت،
يوم سكرت بالطعم الكرزي لأول مرة،
غير أني لم أذق بعدها طعم الحياة؛
فالشوق على شفتي، والبعد في عينيك!
كيف بقيت واقفة،
وثقب كبير
يفترش شباك قلبي؟
مغادرة
كشمير، 2019م.
فقط حين أغادر
ستبحث عن آثار أقدامي حيث سرنا،
ستعيد قراءة ما كتبت،
وستعيد اكتشافي!
ستسألني عن الناي في حقيبتي،
عن السيجارة التي أحرقتني دون أن أشعلها يوما،
عن اللوحة الوحيدة التي لم ترسمها لي،
عن العشاء الأخير الذي أخلفت حضوره.
ستسألني: منذ متى صرت تكذبين؟
منذ متى صرت لا تضحكين؟
أتعلم
أني سأكذب أكثر، أكثر مما أحبك،
وسأصعد بروحي إلى سمائك،
وستفلت مني الأرضون،
سيطول طريقي كلما ابتعدت عنك شبرا،
ستخبو ناري كلما توقفت عن الاحتراق.
لكني سوف أغادر،
وأعيد رسم الخطوط،
وأضبط رتم الصدف،
ولن أترك الأقدار
تسوقني إليك من جديد.
الصوت
أستراليا، ملبورن، 2019م.
في وجودك هنا
يمكن أن أتحقق من صوتك،
لكن هجرانك
يجعل كل الأصوات
تبدو كصوتك.
فراق
أستراليا، ملبورن، 2019م.
لم تحمل قلبي معك،
لم تتركه معي أيضا!
الغبار
سلطنة عمان، قرية وكان، 2019م.
أنثر الورد في طريق عروجك؛
لعل نورك يقتنص قلبي!
ذلك الغبار تحت قدميك
طريق اكتمالي حتى الفناء.
ليلة الاصطفاء
2017م.
الليلة تصطف الأقمار،
المتاهات والممكنات والشهقات،
يتلاشى التكوين والترتيل والفم المعبأ بالخرابات.
الليلة أزور قدري في الخفاء.
الليلة أنا بين الظمأ والارتواء،
بين «ألم نشرح» وبين «وزر» لا أراه.
فإذا أنا حللت في سحرك المتعال؛
لا اشتياق يخذلني، لا نار ترقبني .
الليلة عرس وانتشاء، وصل ممتد متناه، «وما أدراك» ما وصل المجذوب
إلى سر الكون، إلى قلب الله. «الليلة» تنزل الأرواح،
فسأبقى يا حبيبي في «خير من ألف» احتراق.
قد ألقاك في احتراق، فاحتراق، فاحتراق! «سلام»، «سلام»، «سلام».
وكل فؤادي يضج سكونا، يهز النعيم.
فحتى «مطلع» الوجد ودادي،
حتى «مطلع» العشق ابتهالي،
وحتى أبلغ العنقاء في فجر المحال.
فراشة جديدة
2018م.
أرقب عينيك،
تبحثان عني؛
فتفوح من قدري،
وردتان ولحظتان وقبلتان!
ثلاثة شتاءات، ثلاث كئوس،
وثلاثة انطفاءات.
أخبرتك يوما عن شرفتي الوحيدة،
وألوان فراشاتي الأثيرة.
ولم أعلم أن الأبواب العتيقة قد تغري
طاووسا مختالا،
أو طائرا محتالا.
أرقب عينيك؛
لعلني أعثر يوما
على فراشة جديدة.
ضلال
ألمانيا، برلين، 2017م.
في «الجدران الست» لحبك كنت أتنفس،
سجدت واقتربت،
وحين كنت «قاب قوسين» من ذراعيك؛ ثملت بالحقيقة،
أطفأت سراج قلبي، وضللت!
هجران
النمسا، سالزبورغ، 2017م.
أهجرك كل يوم ألف سنة.
حتى نذوري صرت آثمة بها.
خمس مرات أقطع وصالي بك،
وفي كل نافلة أرجو الله أن يأخذ ما أعطى.
وإذ يقترب همسك فجأة؛
أفترش إليك عناقا طويلا، طويلا!
خلخال
ألمانيا، برلين، 2017م.
لوقع الخلخال على أوراق الخريف البرية،
للرائحة الكرزية على أغصان النشوة الفتية،
للفراشات تثير فينا زهوة التحليق بين النور والنور،
للمدى يشق نهرا في التجاويف،
للزهرة المخدوشة تفوح عطرا للكون،
للفؤاد المياس على لجة الشوق،
للبهاء ينسج الفيض في العين،
للشمس في المدارات الخفية
تختبئ من عناء الحقيقة،
للحب بين مشرقه ومغربه؛
لا كيف ولا أين!
الأصل والظل
الهند، تاج محل، 2020م.
كيف تتوالد المقدرات، المتماثلات.
يوما أنت الأصل، ويوما أنت الظل.
في كون واحد، أبعاد متوازية؛
قلبك والصفحة الأخرى،
نبعك وآخر المرعى.
تتخلى عن صورتك الأولى،
تلك المهترئة من البله، من الصدق؛
لتصبح ظلا .
فيبقى قلبك في الظل؛ يخفق في الظل،
يغني في الظل، يبكي في الظل.
قد يفنى؛
إذا إنك لم تكن قبلا أي وجه هنا،
وهل للظل طيف يرى؟
زنبقة
تركيا، قونيا، 2018م.
أستعيدك بنقاء زنبقة فاخرة.
تتمايل بدلال خيال عاشق،
تسكب اللذة في كأس واحدة،
وتضن بشذاها ومخملها وليلها؛
فترحل وفي صدرك زنبقة أخرى. •••
وحين أقف على تلك التلة الباهرة؛
يبللني ندى القرب،
ويخجلني الموج الآتي،
يغامر بالتبعثر نحوي؛
فأقف على واجهة الشوق،
أداعب حضورك،
أتنفس ذكرك،
وأترك قرنفلا وتفاحا وضحكة على شفتيك.
الجرس
العراق، بغداد، 2019م.
إذا لم تقرع جرسا يوما،
أو تذرف دمعا عند صلاة.
إذا لم تتكبد شوك الرفض،
وعناء سؤال تلو سؤال.
إذا لم تشعل أمنية
عند العذراء،
أو تلوذ بمحراب منعزل.
إذا لم تشعر بالجمر في جوفك، في روحك، في صمتك، في عزمك؛
كيف تدعو نفسك ناسكا، عاشقا؟
أغاني المسافات
كشمير، خانقاه همداني، 2019م. (1) كل خطوة بقعة ضوء.
أسير نحوك؛ تمتد الشمس،
أصل إليك فأراك تغرب.
وهكذا كل يوم أعود من حيث أتيت! (2) ما أكثر الأسرار التي هتكت في الطريق إليك!
الغابات
كشمير، 2019م.
أن تهرب في الغابات، ويداك على الوهم.
أصدق وهم خلاب
يأسرك إن أوقفته،
يقتلك إن ضللته.
أنت المحزون،
فماذا لديك سوى أشجان الأشجار المقطوعة،
وعصافير مذعورة، وبقايا ألحان الناي؟
أن تهرب في الغابات، ويداك على الوهم.
وحيد على درب مكسو بالكدمات،
ورفيق يتنصل من رائحة الطين،
وقلب أعمى لا يبصر غير الشوق.
وهمك خائف، قد تقتله؛
لتأتي بوهم آخر أكبر منه!
النار
سلطنة عمان، قرية مصيرة الشريقيين، 2020م.
تشعل أنت النار؛
فيحترق طرف ردائي،
وباطن قدمي،
ويصير القلب رمادا.
تشعل أنت النار؛
فيشيب شعر رأسي،
وينحني ظهري، ويصيبني الخرس،
أهجر قلبي وتصبح أنت القلب.
تشعل أنت النار؛
فأهيم بين الضوء والظل،
بين قدر وسير،
وأبحث بين الخيبات،
عن أصغر خيبة،
وأعظم نار،
هي أنت.
المصباح
النمسا، 2017م.
عابرة كل الأزقة بردائي الطويل.
هناك عند ناصية الزقاق الأخير، انتظرتك.
قلت لي: قفي تحت المصباح،
سأكون هناك برفقة شوقي!
تخطيت خيمة الظلام.
وخيبة أن يكون ردائي طويلا، طويلا.
وكل مساء
يرمقني المصباح حين يأفل حزينا، حزينا.
والأمنيات تتساقط من يدي وردة، وردة.
أترقبك في غابتي المسحورة؛
لعلك تأتي برفقة شوقك،
أو شوقك يأتي في طلبي.
يا لتلك الحديقة الباذخة،
التي أزهرت يوما تحت المصباح.
لا تقفل قلبك
تونس، 2019م.
لا تقفل قلبك للريح،
لا تقفل قلبك على وجع،
ارسم في الصفحة وردا؛
وغدا يزهر في الطرقات. •••
افتح كفك لا تتردد،
في الوسط عين للقدر. «يا حافظ» كن في العون،
من شر يترصد بالقلب. •••
كل الموج هنا،
فأبحر لا تخش الغرق.
الخوف داء عضال،
والروح لا تخشى الأقدار.
أبحر في أبواب الجنة.
من نفسك قم وتحرر.
ما جدوى جسد مقدام،
والروح تخشى الظل؟
شتاء
النمسا، سالزبورغ، 2017م.
أخبرني عن تلك المدينة التي آوينا إليها ذات شتاء،
عن الأمطار التي جرفت بساطتنا،
عن نذورنا الكونية،
أن تكون الشمس،
وأكون المطر!
وعن الخراب الذي حل بالمدينة يومها،
عن غضبك العارم،
وكآبتي المتساقطة دون زمن،
عن الألغام التي حصدت أرصفتي،
عن الماء الذي تبدد وقت أن لامسنا،
عن الزنابق التي انتظرتها طويلا، •••
عن الرياح التي تهيأت لأعنفها.
أخبرني فقط،
كيف أقطفك من دون أن أشم رائحة الأرض الندية
تنبعث على عتبات روحي؟
بين يديك
إيران، 2016م.
بعض الكون في يديك، بعضه في عينيك.
حواسك الخمس منسية،
كصخرة متوحشة قذفت إلى أعالي الجبل،
أو دفنت في طمي النهر.
لكن روحي تظللها من شمسك البربرية!
أقف على فوهة بركان،
أرتعش بردا من ندف الثلج
المتساقط من معطفك.
يرتبك الشفق،
يلتهب ثم يتضاءل.
وسلامك المقبور
كفأس كلما حطمت نبضا؛
ذوت شمعة وقبلة وفراشة.
المحبوب
الهند، تاج محل، 2020م.
الحزن الذي في قلبي أطيقه،
لكن ذلك الذي في عين محبوبي
لا يمكن احتماله! •••
إن محبوبي الذي أتى
كان قبل نجمة،
ثم صار برعما،
ثم نهرا في القلب يجري.
وإني إذ بقيت بشوقي؛
أحرق نفسي،
ورمادا أبعثر كلي.
غوغاء
كشمير، 2019م.
كثير من الغوغاء حولك،
وأنا أبحث عن المعراج إليك.
أفتح الأبواب، أرمم المسافات،
ثم أصمت أنا والرياح،
وقنديل المساء،
وننثر التوجس في الخطوات. •••
بالفرشاة تغلق الأقدار،
تشعل موقدي الصغير.
أخفق نارا.
تدفعني بعينيك
نحو الضوضاء،
وأضيع بين العيون.
الكتمان
المغرب، مقبرة السعديين، 2017م.
الترحال طريقك إلى المحبوب،
لحن السماء لإيجاد المفقود.
كل شبر تجتازه
يأخذك حيث هو،
ومن هناك قد تعود مقتولا من الحنين،
وفي قلبك تحمل شيئا أمضى من اليقين.
أواه،
كم أخشى أن أستفيق يوما من الجنون،
وتنتهي المدن ولا أصل إليك!
تعال في الكتمان.
من قلبي إلى قلبك
طرق غير مرئية.
شراب المحبة حاضر،
نشوتنا هنا!
أنت وأنا
في صحبتنا كثرة،
والكون في وحدة.
ضع قلبك على الوردة،
وبصيرتك على الباب،
سيفتح يوما،
وستتبعك الأرواح.
شذرات
مراكش، المغرب، 2017م.
قد تسير على الوهم زمنا؛
فيصبح السير عذب المذاق.
كم مرة خدعنا بانعكاس الضوء
في وضح النهار،
وكان سواد الليل نورا للفؤاد؟ •••
أطفئ مصابيح الليل معي؛
لترقص السماء،
وتمطر الأرض،
ويشهق البحر،
ويبقى القلب راسيا هنا،
كالمعجزات! •••
إذ أحبك
أستجير بمن استجار بقلبك.
ألا تترك الخواء هنا،
وألا تعبث بالواحات بعد الضنى.
قف هنا، كن وتدا
أشد إليه خيام التصبر
بعد الوغى.
كن معبدا يحنو إليه ناسك قد تمرد؛
فكل الآثام تغتفر
إلا التمنع في الهوى! •••
كيف يكون إغواء الضوء للقلب الذي أدمن الشوق، والشوك؟
هل يكون كما قرأت شفتيك عشرات المرات؟
هل حين أحببتك وأنا في طريقي للحياة؟
هل حين اختبرت رعشة الوجد وأنا أختزل المسافات؟
ربما آويت إلى المنازل التي تركتها في لحظة الخفاء،
ربما صادفتك أكثر مما تقدر عليه خوارق الصدف،
ربما انتظرت طويلا، على ناصية الطريق! •••
كانت الموسيقى طيرا في الجنة، حتى أمرها الله أن تنثر سحرها على أولئك المبعدين في أقاصي الكون، محرومين من الموسيقى الأبدية. •••
ما خطب المسجونات في محراب الصبر؟
لا عاصفة تحملهن،
ولا شجن الليل يصرعهن.
ومن لمن بترت أجنحة أرواحهن على فأس الشتات
أليس عليهن الموت في الشرانق،
محرومات من كل دهشة للفراشات؟
بحث
سلطنة عمان، قرية مسفاة العبريين، 2018م.
أبحث عنك في الخواء وفي الامتلاء،
في ذبول الوردة وفي الأريج،
في ظمأ السماء وفي احتضار السيول،
في العلو وفي الفناء،
في وجع الأرض، في اضطراب المسافات،
في ضجيج الكون كلما اقتربنا، كلما هممنا ...
في غياب الحياة كلما ابتعدنا.
هو في قلبنا الليل،
هو في ليلنا البين! •••
هناك في ذلك الجزء المجنون من الليل،
محفل أنس وغيم،
ناي برائحة الآس،
وعاشق بلا أنفاس.
يقف الحب إلى جواري،
شاردا عن حضوري،
وحيث انحنى قلبي
أضرمت نار ...
خفتت، وغرقت بعذوبة،
في الليل.
ليل وعطر
مراكش، المغرب، 2017م.
الجدران بيننا.
مددت إليك الكلام،
الأوراق والزحام.
مددت إلي زنبقة،
وتصافحنا حتى الصباح،
وودعنا اليوم وكل الجدال.
ذكرى لا تعود ولا تقال! •••
كله ليل وعطر،
ذكره شذى،
وقلبه الواحد
غائب في ما لا أرى! •••
لن يأتي
هذا الموسم الغجري،
لن يبكي الناي،
لن يتخطى القلب عتبة الباب،
لن يكفي أبدا هذا الشوق! •••
إن الشجر،
قطر الندى،
غيمة الليل،
تخفي حبيبي؛
فإلى متى أنتظر المطر؟ •••
منذ ما قبل الأبدية
كنت نبيا وكنت نبية،
سرنا على الماء،
حلقنا في مدارات السكون.
كيف قبلت المسافات بيننا،
وتركتنا نفترق عنا؟ •••
المبصرون ما لا يرى
أنبياء أم بهم مس من وجع؟
مرآة
تونس، سوسة، 2017م.
في صخبنا الساكن
أرتديك وترتدي صمتي،
أزداد بك حيرة،
وتزداد بي صبرا؛
فتجري الأنهر.
أهديك الحروف؛
شوارع من حروف، مدنا من حروف، حدائق من حروف،
ثم أغيب!
وأنت غارق في كتابي،
لا أنا بك أستزيد،
ولا أنت بعدي تستفيق!
أتأمل عينيك،
أبحث عن عمق لا حد لعمقه،
أبحث عن مرآة
لا تملكها؛ فتعكسني
لتصير الصورة كاملة!
هيأت لك أملي،
شفتاي وشعري،
لكن القلب منصرف
إلى صورتك الأولى!
مهرة بيضاء
المملكة المتحدة، ستراتفورد، 2019م.
أحمر قان سيكون كلامي،
وأزرق سيكون لون وجهي،
غير أن في مخدعي مهرة بيضاء،
ونرجسا وياسمين.
يعشق كل الظلال الصفراء تحت قدميه.
أقود نفسي إلى مهرجان الليل؛
فتتبدى لي كل الألوان!
أي ضوء ينعكس على عيني؛
فيريني السواد قوس قزح؟
ليس للسواد وجه آخر غير الشوق،
غير أني أدركت للمرة الأولى كيف يكون له
مخالب وأنياب،
وشراسة نمر جائع.
وقلبي
محارة صغيرة،
عاشت في البحر مغمضة العينين!
بلا انقطاع!
إيران، 2016م.
الحب أن تلقي بنفسك في الصقيع،
في ليالي الشتاء الكئيبة،
أن تحن إلى الاحتراق، حتى يتناثر رمادك،
وتعود للتشكل فتحترق من جديد.
الحب أن يسكنك الحبيب؛
فتبقى مشردا في بحر قلبك.
الحب أن تبتئس من الجنة؛
لأن حبيبك في النار.
الحب أن يعصر قلبك بلا انقطاع،
وأن تسحقك قوافل الهجير بلا رأفة،
أن تمرغك الوحوش والهوام،
أن تشنق نفسك من أجله،
أن تصعد إلى عيسى؛
فتطلب البعث لرائحة الحبيب.
الحب أن تسجد عند أقدام المعشوق،
وتغرق بكل هيام في أعماق عينيه،
وتبكي رغم القرب شوقا إليه،
وإن سمعت هيكل قلبك ينكسر؛
قلت: فلينكسر، فلينكسر!
ولأمت قبل أن نموت!
بعض الأشياء
تونس، المدينة القديمة، 2017م. (1) بعض الأشياء لا نتركها، بعض الأشياء لا تتركنا.
حين تعود من الظلمة الموجعة بعد اليقين بخلودك فيها؛ لن يكفيك ضوء الصباح ولا شمس الظهيرة ولا لهيب الصحراء الحارقة لتجد طريقك كرة أخرى. ستأسرك الرغبة في قلب حر بريء الخفقات، سيقودك الوجد إلى غدير تفجرت عذوبته بين قدميك، ستحتاج إلى نجمة واحدة فقط في هذا الكون لترشدك إلى خيمة وحيدة ونار دافئة ونغمات عود مضمخة بالشجن.
فيض أغنية
أستراليا، ملبورن، 2019م.
ما كنت أدري
أني في أثرك أمضي،
أفقد بصري،
أعمى تخيبه الدروب،
ويرشده المطر!
ما كنت أدري
أنك نهري وبحري،
وعاصفة تهب مني،
وتسكن في فيئي. •••
كيف أدري،
وقلبك أحجية
تزرع اليم ولا تروي؟
كيف أدري،
وقلبي فيض أغنية،
ظامئ إلى رقصة،
ولمسة شوق،
وقدر ساهي الطرف؟ •••
ما كنت أدري
أني أنجبت حبك قبلي،
ووهبته سحرا
للكون والخلق!
الأجوبة
التشيك، 2017م.
لماذا وقفت على عتبات الفيض؟
لماذا أقحمت عنفوانك في لغتي؟
لماذا عدت وقد أقصيتك أبعد من النجمات؟
كيف أتيت،
وتركت القلب مغموسا في العشق؟
متى أرى الحقيقة يا عين؟
ألم أترك النوافذ للرياح،
الأزهار للعشب،
الليل الظامئ للعناق؟
فلم مجيئك ورحيلك كل مرة،
أم هي خيالاتي لا تكتمل إلا بصفحة روحك؟
معلقة كما كنت،
بين سماواتك المتعالية وعتباتك الأرضية.
أدر ظهرك لي، لا تبتسم،
لا تسألني عن الشوك في عيني،
اترك رسائلك حيث شهقات الغبار،
امض صامتا دون أسئلة،
وحتما ستموت الأجوبة!
حفلة شواء
ألمانيا، برلين، 2017م.
حفلة شواء،
بين عيني وعينيك
والجمر متقد.
تحت طمأنينتي
يحترق في كل صبري،
حتى أطراف ثغري! •••
سأغرم بك دون احتراز،
سأفوز بك دونما انتصار.
لا أحب الحروب، لا أحب القتال،
لكني سأقودك إلى أكبر متاهة
أوجدها الله يوما!
هناك ستكبر نخلاتي بجوار أفلاجك،
ستكتسح حرارة القيظ مساماتي،
سأتذمر، سأضحك، سأترجل الحياة،
ستكون لنا خيمة ووطن،
عود وربابة،
نار دفيئة وشواء صحراوي فاخر،
سأكتفي بهمس النجوم،
ونجوى العيون!
النبع المقدس
سلطنة عمان، قرية وكان، 2018م.
حين تتعانق الرياح؛
تخبو خشخشة الشوك على نحري،
وأنصت للبراعم التي تتفتح
في نهر العاصفة.
أتخلص من شموع المشمش العطرية
التي أحرق بها رائحة عشيقاتك السرية،
ثم أكشف الستر عن رمق الرغبة،
وأتسلل إلى مياه النبع الدافئة. •••
آلاف من القطع النقدية الزهيدة،
وآلاف من الأمنيات الياقوتية،
تتشابك بأصابع قدمي،
تلتف حول خلخالي،
ورويدا رويدا تتعلق بجدائل شعري.
ها قد باركني النبع المقدس؛
أبتسم، أرقص تحت الماء.
الطيور الميتة
النمسا، سالزبورغ، 2017م.
أخبرني عن تلك الألوان السماوية في روحك،
عن باقات الورد العطشى على النوافذ المهجورة،
عن جرة الشهد المخبأة في الخرابات،
عن تلك المجازر التي تسكننا معا،
عن لحظة عبورك للضفة الأخرى،
وعودتك بلا قلب أو عنوان،
عن الطيور الميتة تبني أعشاشها من فتات الزجاج،
عن العبوات الناسفة على طرقات الإنسان،
عن الصباح الأكثر توحشا من عتمة الليل،
عن الصغار على بساتين الانتهاك،
عن الأعضاء التي تباع بابتسامات،
عن العالم الذي ترك معلقا كيفما كان.
أخبرني، هل بوسعي أن أغفر موتك؟
حوارات لا تسمع
تونس، المدينة القديمة، 2017م.
ألمانيا، برلين، 2017م.
كشمير، 2019م.
قالت العصفورة لقفل الباب:
كلما بسطت جناحي ذكرتك،
أنت المشقوق الرأس
من كثر الأوجاع!
إليك حبة قمح،
ناضجة من أرض البستان؛
هناك حيث الأقفال بلا صدأ،
ولا أحزان.
أجاب القفل العصفورة:
كلما رفرفت؛
هب الهواء في فراغ قلبي.
ليتني حر بلا سطوة مفتاح،
أو ذكرى لص أرعن،
يبتر أحشائي وذراعي الأيمن.
طيري يا حرة،
وقمحك سنبلة في الوجدان. •••
قالت النجمة للبحر:
ليتني سفينة،
تتقلب بدلال على صدرك،
تنشد المواويل في وجدك ،
لكني لست سوى
مقبرة في عمق السماء.
وكل ضوء أهديه
هو من زيف الحياة!
قال البحر للنجمة:
ليتني العاشق،
أغوص في عينيك،
أتأرجح بين جنتيك،
ومن هباء الكون
أهب الفجر الخلود!
قالت الوردة للعشب:
أحبك، امتلأت بك، ضمني إليك،
وخذني إلى أعماقك الخصبة. •••
قال العشب للوردة:
يا لرقتك! قد هيمت بك،
ارفعيني إلى ثغرك،
وانشريني في ثنايا عطرك.
قالت الوردة للسماء:
ليت في عليائك تنمو جذوري،
ليت قلبي حين يزرق، ويذبل؛
تسقيه شجونك! •••
قالت السكة للقطار:
أما تعبت؟
تأتي وتروح كعاشق يائس،
وضلوعي هنا تئن من أجلك كل حين؟
قال القطار للسكة:
ألا ترين
أني لا أغادر مخدعك إلا لأعود إليه؟
وكما رسمت يوما ولادتي،
أتركك ترسمين أبديتي! •••
قال المركب للمرفأ:
رحيل بعد رحيل،
أشواق لا وصل لها بل أشواق لا أفق لها.
فقط حين تكسر خاصرتي،
وينوح من ملح البحر مجدافي،
وتقسو الريح على أشرعتي؛
أعود إلى أحضانك مسلوبا،
من شغب عاصفة،
منزوعا من أمواج الحب.
في الوطن،
ليت المنفى هنا؛
فأعود غريبا مكتملا،
باللازمن، بالبعد والعشق!
البساط السحري
سلطنة عمان، وكان، 2018م.
كالمواسم التي تأتي بلا اشتهاء،
ستأتي حين يصبح الجمر ندف ثلج آسنة،
ستأتي حين يكون طين القلب جرة فخار متآكلة،
ستصل حين تتوحش الرياح البرية.
وبحلول الموت في الربيع؛
سأكون على بساط سحري،
باتجاه الأراضي الندية!
القلب الرملي
النمسا، سالزبورغ، 2017م.
وصدف أني أعرف عن نخلتك السامقة،
وصدفتك الوردية،
وأصابعك المرتخية على وجعي.
وقلبك الرملي
يغوص فيه قلبي بلا أثر!
ربما سنلتقي يوما،
بعد أن تفرغ خزانتي من المسك،
بعد أن تنضج أحزاني على مهل.
سنلتقي عند أطراف الحقيقة،
لن يسعفنا الوقت، لن يسعفنا العمر،
لن يسعفنا الأمل!
إقصاء
حصن الحزم، بهلا، سلطنة عمان، 2019م.
وكأنما أقصيت منك ...
إليك!
حيرة
إيران، أخلمد، 2016م.
الغربة الأولى والزقاق القديم،
والفجر الذي يأتي منقسما؛
يسبق الأنس.
من حيرة الليل
أريد أن أمضي،
إلى الكوخ والريح،
والسنابل الساحرة.
موسيقى النهر في أنفاسي،
من بعيد!
الغربة الأولى،
في سماء القلب.
قد مضينا،
قبل أن نجد الرفيق!
ياسمين
الإمارات العربية المتحدة، الشارقة، 2019م.
لقد جئت من هنا، وجئت من هناك،
كنت أتأمل فقط ظلال الشمس عند قدميك،
وحين يفوح الياسمين أشعر بعناق الأغصان.
سرقت مدينتي وبحري وبعضا من نبضي،
وكنت قد أتيت من أجلك فقط، للمرة الأخيرة!
أول المسعى
أستراليا، ملبورن، 2018م.
أول المسعى
سؤال على شفة،
ودعاء عند قبلة،
ولذيذ شوق، على قهوة حارقة.
ثم دهشة البوح على أكتاف البحر،
وهذيانك بحصاد النجوم.
هنا قلب يكذب كل نجواك،
ويقتنص اللايقين في عينيك.
يسير عقلي إليك، يضللني،
ألا بئسا لرشد يضللنا!
ألا بئسا لمن إلى الغرق
بعد النجاة يلقينا،
وللخذلان صيدا وفيرا يسلمنا!
وكم مرة يخرب الآفلون، العاجزون، «زاوية هذا القلب المنعزل!»
خداع
التشيك، براغ، 2017م.
ماذا يفعل الكاذبون؟
يتسلون في مخادع الوقت.
وماذا يفعل الواهمون؟
ينثرون الورد في تلك المخادع!
نقص
إيران، قرية أخلمد، 2016م.
كل سجادة نسجناها من أجل المحراب تركتها على عتبة الباب،
كل ناحية عرجناها هجرتها، حتى نواحي التمني،
كل لهفة في ثنايا الزمن فنت كأن لم يكن قبل شيء،
كل اكتمال أبصرته كان نقصا، كان سهوا، كان صنوا للوهم.
كم كان بريقك صاخبا يغشي القدر؟!
كم كان داخلك باهتا، مدللا، يتملكه الخوف؟!
أزهار وقناديل
تركيا، 2016م.
قبل عهود،
كانت على ضفة الليل
أزهار،
قناديل، ينابيع من ألحان.
قبل عهود،
عقدت وشاحي؛
بعضه على مئذنة الفجر،
وبعضه على شباك ولي،
وآخر عند أضرحة الأصفياء.
وصعدت إلى شرفة القمر،
منفردة،
وغنيت بصوتي المثقل،
وبكيت ندما؛
إذ تركت نهري
على مصب بحرك المالح!
صفاء
النمسا، سالزبورغ، 2017م.
في البحث عن الصفاء الذي يتركه غيابك،
أتعجل أن تندثر معالمك من كل تفاصيلي،
أن تعود ثقتي في هذا الخذلان الدائم،
وأن أكسب هذا الرهان ضد نفسي،
على اضطرابك واندحارك.
يكفي
أن تعود حقولي أشهى من زرعك النيئ،
أن أعود باسقة مترفعة عن ذاتك الحمقاء.
ويا للحماقات أين تتركنا؟!
على شواطئ الجبناء حينا،
وعلى خرابات الثرثارين حينا،
وعلى أزقة القلوب المدعية حينا آخر.
يا لطعم المصيدة، ما أشد مرارته!
ويا لشذى التحرر السحري
من ادعاءات العابرين،
ككل الكاذبين!
مستقر
البحرين، 2018م.
ولأن روحك لم تعرف الكسر، ولم تألف الحنين،
ولم تجتز يوما مسافات الخيبة،
ولم ترتحل بين الأفئدة الشاكية،
ولم تجلس يوما على موائد السالكين؛
فكيف لروحك أن تبصر مآلات روحي،
أو تقتني موجوداتي، أو أن تتمازج بيقيني؟
فأين مستقرك معي؟
وأنت ليس لك سوى الوجود الظاهري في بدني.
إن عالمك لا يدرك عالمي،
وأجنحتك عديمة القيمة في سمائي!
الموعد الأول
الهند، 2020م.
في الموعد الأول
القلب قنديل،
والكبريت في رأسك.
الموعد الأخير
القلب رماد،
والقنديل المحطم، في رأسك!
صمت وضجيج
حصن الحزم، بهلا، سلطنة عمان، 2019م.
تكور الضجيج في باطن كفي؛
أحرقهما ثم بعثر الرماد
على المدن.
هذا الشيء هنا ينبض
كلما دخل نفقا، كلما ردد اسما،
كلما عشق أغنية.
لكن لا دهشة تنبت في هذه المسافات،
لا ياسمينة يتطاير عطرها كالفراشات،
لا غزالة شاردة،
أطاردها في الواحات.
حتى الصمت يلتزم الصمت،
وأنا أبحث عن صورة،
لم تعكرها الأمنيات!
تمدد
تونس، 2017م.
أحيانا يتمدد قلبي،
يجثم في نصفي الأعلى،
يصعد للعين، يفقدها الهدى.
أتعثر بالأبواب، بالأشخاص،
وأنكب على الأرض،
من ثقل الوجع.
أحيانا يخترق قلبي
ظهري الناتئ،
ويطل بضوضائه
من ضفة مجهولة،
وبلا حول
يطعنني؛
فأمتلئ قيحا.
أحيانا يتخلص مني
هذا العاق،
ويسبقني في خطوي.
أنتفض من خفة روحي،
وأطير كنسمة،
أو كبالون هارب،
من كف طفل حائر.
أحيانا ينشطر قلبي نصفين،
يغرز كل شطر
مسمارا في الكتفين.
أحيانا يتمدد بلا شكل،
مثل الزئبق .
وأضيع في بدني،
مجذوبا،
مأخوذا بالدهشة،
مسلوب القدرة.
أحيانا
يتلاشى الكل؛
جسدي والباب،
كتفي والمسمار،
أنت وأنا.
يتباعد، يسكن،
يخفت، يصمت جل الكون،
ويبقى النبض
بلا كفين.
ذنب
إيران، نيشابور، 2016م.
في محراب الهيام
ذنبي يجاورني،
ونحن إلى الدعاء منقطعان.
هل ستأتي؟
سلطنة عمان، ولاية الحمراء، 2019م.
ربما حين يكون الدعاء ملحا؛
لن تختفي مثل ملح البحر في جرح قديم،
سيمر زهرك اليانع
على شفاهي المتشققة،
سيفزع الغراب النائم
على الشرفة المهجورة،
سترقص جدراني خشية
الحلم،
وستهتز شباك العنكبوت
على الليالي الموحشة،
ويمتزج شهيق السكون
مع الأغنيات.
نجمة
سريلانكا، 2016م.
حين تنطفئ النجمة الأشد لمعانا في سمائك؛ يتوقف قلبك من النظر إلى السماء مجددا.
حكاية
سلطنة عمان، قرية وكان، 2016م.
في «كان يا مكان» الأزمنة،
صمت العاشق الأول،
الأبعاد التي لم تكتمل،
برج الحمام في عقلي،
والريحان المتسرب من عطرك،
العناق الذي يرحل بغتة،
والنهايات المعكوسة
في الطرق المستقيمة. •••
على كتفك حيث تركت نخلاتي،
على صدرك حيث توردت ثماري؛
تآكل الليل بين النخلة والثمرة،
ومن العدم
تسللت الحورية إلى جوارك،
وتلاشى الفارس من جواري.
الفرار
الهند، جايبور، 2019م.
في صدى ليلتنا التي لم تأت
نجمة أخيرة، وشعاع خافت
سينطفئ بلا معنى،
سأرتجف حينها؛
من وحش الصقيع الذي يحرسني،
سأخرس عن مغزى الكلام بلا نغم،
وعن الوحدة التي تراها، وتمضي!
عن تساوي الأيام بالأيام،
عن كدر المرض، والمناجاة، والغفوة،
والسهر بلا شعر،
كرياح حائرة تجتاز المفازات وجدا،
كغابة لؤلؤ تندثر بجوار البحر،
تغرق مني الأشياء والمعاني والأمنيات،
وأشتاق إلى الفرار، مرة بعد أخرى!
إغواء
سلطنة عمان، 2019م.
إن المولى يسأل القلب الذي هوى:
أتراك غويت فتركت وجدك
حيث نشوة ترى؟
أتراك نذرت اعتكافا،
ونكثت عهدك كرة أخرى؟
ألم يكن الطريق شوكا
لا قرين لك ولا زهر؟
فلم شممت الرياحين،
وأشركت في المسعى؟
ولم ألقيت مرساة الطمأنينة،
وبحرك يغرق من الثكلى؟
قلوب العاشقين أرواح
تهيم بلا سماء.
عد إلى طينك،
خذ قدرك،
وإياك أن تبقى!
حجر النرد
فرنسا، باريس، 2018م.
يحدث أحيانا ،
أن أبحث عن حجر نرد
يمنحني الحظ العابر
برفقة ساحر
يخفيني،
يشطرني نصفين،
وأطير بأجزائي،
نحو الموتى، نحو الأحياء،
وأعود إلى النرد
رقما بين الأشياء. •••
يحدث أحيانا،
أن أتخلى عن قدمي
من أجل جناحين،
أخفي بهما نبض العين،
وأهيم نحو الغيب! •••
مقرون نجمك في نجمي،
تفاح حديقتك في تربة قلبي،
شوق اللحظة مستتر،
والليل لا يقربنا،
لا وصل منه يقتلنا،
والجنة تخدعنا،
لا باب لها، لا مخرج!
زمن باهت
سلطنة عمان، مسفاة العبريين، 2018م.
تخترق الفوضى قلبا مشغولا بالعدم،
وتخترق التقوى ماء البحر فتراه عذبا عذبا.
حيث جبيني مسافة شك ،
تمتد إلى الأفق،
ترتد ولا تبصر إلا ولها ولها.
وبقايا القدم الحافية،
والنقش الهارب من درب مألوف،
وصوت من زمن باهت،
يتردد عبر الساقية،
ويتركني بلا ذنب.
تقسو ظلالي؛
إذ أهرب منها،
أتلاشى، أفنى،
وتبقى هي في ختم الأرض،
لا تنسى!
نامعلوم صفحہ