وقال الزهار: يدي تحرقت من الفحم يا ابن الكلب، اقعد، اقعد ورص.
وقعد كمال، وراح جبابرة الليل يصلون من حديثهم ما قطعه دخول كمال، قال منصور: مصيبة والله العظيم يا أولاد، قرية فيها منصور الدفراوي يعتدى على ثلاثة منها على ثلاث ليال متتالية، ماذا حصل في الدنيا؟
ويقول الكحلة: والمصيبة الأدهى أننا - ونحن أولاد الليل - لا نعرف من الفاعل.
ويقول النمرود: أتظنه سيقفز من السماء؟ لا بد أننا نعرفه.
ويقول الكحلة: طبعا لا بد أننا نعرفه، وهل في المديرية رجل لا نعرفه؟
ويقول منصور: لا، وخاصة أنه يبدو عليه أنه ثابت وذكي، وولد يلعب بالبيضة والحجر، وفاهم الشغل.
ويقول الزهار: والله يا منصور لا بد لنا أن نبحث عن هذا الرجل حتى نعرفه، فإنه سيكون ذا نفع كبير لنا.
ويقول منصور: والله يا ابني لو انضم إلينا لاستطعنا أن نقيم الناحية على رجل.
كانت الجوزة تدور بيد كمال، وهو صامت لا ينطق بكلمة، وما عوده القوم صموتا، ولكن جميعهم كان مشغولا بأنباء هذه الحوادث لا يلتفت أحد منهم من أمر كمال إلا إلى هذه الغابة التي يمدها إليه، فيشهق منها بضعة أنفاس، ثم يميل بها إلى الذي يليه.
قال الكحلة: إي والله يا بني، وخاصة إذا علمته أنت كيف يعمل سلاحه وكيف يضرب به، وأنت الرجل ذو اليد القاعدة التي لا تخيب أبدا.
نامعلوم صفحہ