حرکات اصلاحیہ
محاضرات عن الحركات الإصلاحية ومراكز الثقافة في الشرق الإسلامي الحديث
اصناف
وقد ازدادت شهرته ذيوعا، وكثر تلاميذه وأتباع طريقته بعد وفاته، وهم الذين يعرفون حتى اليوم باسم «المجددية»، ومما ساعد على انتشار تلاميذه وكثرة عددهم الأحوال السيئة الناجمة بعد ذلك عن سيادة السيخ، وسيطرتهم على إقليم البنجاب. (3-7) الجديد في طريقة الشيخ أحمد
ومع أن الشيخ اتصل - منذ شبابه - بكثير من الطرق الصوفية المعروفة على عهده - وخاصة الطريقة النقشبندية - فقد تحاشى الكثير من مغالاتهم، ولا سيما نزعاتهم وأفكارهم القائلة بوحدة الوجود
، ثم حاول في طريقته أن يقرب بين فريقي الصوفية: القائلين بفكرة التوحيد
Monotheism ، والقائلين بفكرة وحدة الوجود، وقال هو بالأخذ بفكرة وحدة الشهود، بدلا من فكرة وحدة الوجود؛ وذلك لأنه لاحظ أن الكثيرين من المتصوفة في عصره قد تأثروا بفلسفة البراهمة، وأخذوا بكثير من عقائدهم وأفكارهم، كوحدة الوجود والحلول والاتحاد وغيرها؛ ولذلك ركز الكثير من جهوده لتفنيد هذه الآراء والرد عليها، وخاصة آراء محيي الدين بن عربي في وحدة الوجود، ورسائل
3
الشيخ أحمد مليئة بالأدلة والمناقشات التي يهاجم فيها فكرة وحدة الوجود، والتي يدعو فيها لفكرة وحدة الشهود، وبهذا نستطيع أن نقول: إن هذه الفكرة تعتبر بحق الشيء الجديد الذي قدمه الشيخ المجدد لعالم الفكر الإسلامي الديني. (3-8) جهود الشيخ أحمد في إصلاح المجتمع الإسلامي في الهند
لم تقصر جهود الشيخ على هذا، بل لا بد أن نذكر له مساعيه الحميدة لإصلاح شأن الحكومة ورجالها؛ فقد كان يعتقد أنهم القدوة، إذا صلحوا صلحت الرعية والبلاد كلها، وإذا فسدوا فسد المجتمع الذي يقومون على شئونه، كذلك كان الشيخ المجدد يعتقد أن الكثير من الفساد القائم يرجع أسبابه إلى العلماء الذين تهافتوا على الدنيا وعلى إرضاء السلطان؛ ولهذا بذل الكثير من جهوده لمحاربة هذا الصنف من العلماء، ومناهضة بدعهم والرد عليها.
ولقد كانت حركة أحمد سرهندي في الواقع عميقة الأثر في المجتمع الهندي الإسلامي؛ فقد تأثر بها الكثيرون بعده، وكانت ممهدة لحركة تجديدية أخرى قام بها مجدد ثان في القرن الثامن عشر، هو العالم الهندي الكبير شاه ولي الله دهلوي. (3-9) حركة عبد الحق دهلوي
وبين الحركتين ظهرت جهود أخرى سارت في نفس الطريق:
منها جهود الشيخ عبد الحق دهلوي (958-1052ه/1551-1642م)، وقد عاصر الشيخ المجدد بعض الوقت، ولكنه توفي بعده بنحو ثمانية عشر عاما، وقد عني الشيخ عبد الحق أكثر ما عني بإحياء السنة النبوية ودراسة علم الحديث، وألف في هذا العلم كتبا كثيرة، وشرح «مشكاة المصابيح» للتبريزي بالعربية والفارسية معا، فهو بهذا يعتبر أول عالم وقف جهوده في شمال الهند على نشر السنة النبوية وتدريس كتبها وشرح متونها.
نامعلوم صفحہ