وغشيته كآبة دائمة مثل المرض المزمن. وتهولت في خياله انحرافاته ، واجتر مواقفه المؤسفة مع قمر وفلة وعنتر الخشاب وعنفه الجنوني في المعارك.
وراح يقول محزونا: إني أحمل اسم الناجي لا صفاته.
وذات ليلة اضطربت أعصابه تحت ضربات قدره فمضى كالنائم إلى مسكن عيوشة الدلالة. جلس على الفراش دون أن ينظر إليها وهي تحملق فيه بذهول.
وقال بلا أي انفعال: إلي بقمر!
38
وتمضي الأيام.
يكبر الأبناء ويتأهلون بشتى الحرف.
يموت شيخ الحارة محمود قطائف فيحل محله سعيد الفقي. يموت شعلان الأعور ويتقاعد دهشان. ويموت شيخ الزاوية حسين قفة فيحل محله الشيخ طلبة القاضي. ويموت عليوه أبو راسين فيشتري الخمارة عثمان الدرزي.
وولدت عجمية آخر العنقود «سليمان». وجاء نموه خارقا للمألوف حتى ذكر أباه بعملقة عاشور؛ لذلك قرر أن يؤهله للفتونة، وأن يربيه التربية المثالية الخليقة بعهد الناجي وتقاليده.
ورغم ما عانى شمس الدين من انحرافات شخصية فإنه حافظ على نقاء فتونته للحارة. ظل يعمل سواق كارو رغم سطوته وتقدمه في العمر. ورعى الحرافيش بالرحمة والعدل والحب. وعرف بالتقوى والعبادة وصدق الإيمان. وتناسى الناس أخطاءه، وعبدوا طيب خصاله، وأصبح اسم الناجي مرادفا عندهم للخير والولاية والبركة.
نامعلوم صفحہ