سر مرا بجز أين در حواله كاهي ينست
استمع عاشور إليها بحزن، ثم دعا لحارته بالهداية من أعماق قلبه.
واخترق الممر الطويل، ثم شق سبيله بين القبور، قبور لا تكاد تغلق حتى تفتح ثانية، ثم انتهى إلى الخلاء. غمره تيار خفيف بارد، منعش وودود، ولكنه قال: احبكي الغطاء حولك وحول الولد.
فقالت متشكية: لا حي موجود. - الله موجود. - أين نقف؟ - عند سفح الجبل. - هل نتحمل جوه؟ - أقوى مما تتحمله التلال، وتوجد ثمة كهوف. - وقطاع الطريق؟!
فقال هازئا: فليقدم من كتب عليه الهلاك!
وراحت الكارو تتقدم والظلام يخف. تذوب الظلمة في ماء وردي شفاف فتتكشف عوالم في السموات والأرض. تنساب منها ألوان عجيبة متداخلة حتى اصطبغ الأفق بحمرة نقية متباهية، تلاشت أطرافها في زرقة القبة الصافية، وأطل من وراء ذلك أول شعاع مغسول بالندى. وتراءى الجبل شاهقا، رزينا، صامدا، لا مباليا. هتف عاشور: الله أكبر!
ونظر نحو فلة وقال مشجعا: انتهت الرحلة.
ثم وهو يضحك: بدأت الرحلة!
38
قضى عاشور وأسرته في الخلاء ما يقارب الستة الأشهر.
نامعلوم صفحہ