34
أقامت الأسرة المطاردة في حجرة الرحمة بمدفن شمس الدين. في الجيوب قروش معدودة، وفي القلوب أسى جديد أنساهم أحزان الموت والإفلاس. تحجرت الأعين، حتى عينا حليمة البركة، جلسوا متقاربين، ينشدون النجاة من تلاصقهم، ويستدفئون بنبضات قلوبهم الشامل، وريح الشتاء تزمجر بين شواهد القبور. وإذا بضياء يصيح: الكلاب!
فقالت حليمة برجاء: فلنفكر بحالنا!
فقال ضياء بمرارة وسخرية: لم يبق أمامنا إلا أن نعمل ترابية.
فقالت الأم: معاشرة الجثث أطيب.
وتساءل عاشور بذهول: أقضي علينا حقا بهجر حارتنا؟
فقال له أخوه: ارجع لتغسل وجهك مرة أخرى ببصاقهم!
فقال عاشور بتحد: سنعيش حياتنا على أي حال. - لنرجع إلى التسول.
وكانت الريح تزمجر في الخارج بين شواهد القبور.
35
نامعلوم صفحہ