فهتف بتذمر كالمحتج: الحرام! - اقنع بنصيبك، ماذا تريد؟ - ما أنا إلا خادم حمار، وما أنت إلا خادمة أوغاد.
فقالت باعتزاز: نحن نعمل ونحن شرفاء.
فقهقه. وكان قد طاف بالبوظة قبل رجوعه وشرب قرعتين.
4
واشتغل عاشور الابن الأصغر صبيا لغنام يدعى أمين الراعي، تعهد إليه الأسر بما تملك من ماعز، فيسرح بها في الخلاء تمرح وتنعم بالشمس والهواء والأعشاب، وذلك نظير أجر معلوم. بذلك ارتاح بال حليمة البركة؛ فقد أصبح أبناؤها الثلاثة عمالا يرزقون، ووهبتها الحياة بسمة صافية. ومضت الحياة بمسراتها الصغيرة وأحزانها المألوفة حتى بلغ فائز العشرين من عمره.
وسألته أمه في ساعة صفاء: متى تكمل دينك يا بني؟
فابتسم ابتسامة غامضة وقال: صبرك يا أمي وما صبرك إلا بالله.
5
ولم يرجع فائز من مشاويره في ميعاده المألوف. مضى أكثر الليل ولم يرجع. ذهب عاشور إلى البوظة يبحث عنه، وتشمم ضياء أخباره في الغرز، ولكن لم يعثر له على أثر. وفي الصباح مضت حليمة البركة إلى المعلم موسى الأعور صاحب الكارو مستطلعة عن خبر ابنها فوجدته قلقا ساخطا، وقال لها: لا خبر عنه.
فانزعجت الأم وقالت: نذهب إلى القسم؟
نامعلوم صفحہ