108

Haqiqat al-Iman

حقيقة الإيمان

اصناف

وقضايا الأعيان ليست محل بيان حتى يقال عدم البيان في موضع البيان، بيان للعدم، وإنما البيان تكفلت به القواعد. ٣- النجاشي: يقول ابن تيمية في كتاب الإيمان: "وكذلك لو قيل إن رجلًا يشهد أن محمدًا رسول الله باطنًا وظاهرًا، وقد طلب منه ذلك، وليس هناك رهبة ولا رغبة يمتنع لأجلها، فامتنع منها حتى قتل، فهذا يمتنع أن يكون في الباطن يشهد أن محمدًا رسول الله، ولهذا كان القول الظاهر، من الإيمان الذي لا نجاة للعبد إلا به عند عامة السلف والخلف من الأولين والآخرين إلا الجهمية (جهمًا ومن وافقه) فإنه إذا قدر أنه معذور لكونه أخرس أو لكونه خائفًا من قوم إن أظهر الإسلام آذوه، ونحو ذلك، فهذا يمكن أن لا يتكلم مع إيمان في قلبه، كالمكره على كلمة الكفر، قال الله تعالى: (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرًا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم)، وهذه الآية مما يدل على فساد قول جهم، فإنه جعل كل من تكلم بالكفر، من أهل وعيد الكفار، إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، فإن قيل: فقد قال تعالى (ولكن من شرح بالكفر صدرًا)، قيل: هذا موافق لأولها، فإنه من كفر من غير إكراه فقد شرح بالكفر صدرًا، وإلا تناقض أول الآية وآخرها، ولو كان المراد بمن كفر هو الشارح صدره، وذلك يكون بلا إكراه، لم يستثن المكره فقط، بل كان يجب أن يستثنى المكره وغير المكره إذا لم يشرح صدره، وإذا تكلم بكلمة الكفر طوعًا فقد شرح بها صدرًا وهي كفر.. الخ" (١) اهـ. ولذلك قال بعضهم: النجاشي شهد الرسول ﷺ بإسلامه، وقد كان على رأس نظام الكفر والتثليث بالحبشة، ولم يعترف بالإسلام اعترافًا جازمًا خوفًا على ملكه، وإنما هي إشارة عرف منها الرسول إيمانه.. فنقول وبالله التوفيق:

(١) "الإيمان" ص ١٨٨.

1 / 108