لبنانی حقیقت: خیالات اور گفتگو
الحقيقة اللبنانية: خواطر وأحاديث
اصناف
على أني لست أضمن أن لا صفات له ولا مآثر، إلا ما ذكرت.
آه! نسيت أن أقول لكم إنه شيوعي أيضا. إنكم ولا ريب ستحتجون بأن «أيضا» هذه هي في غير موضعها هنا؛ بهذا كان يجب أن تبتدئ وبه تنتهي، فعلام التطويل؟!
وسترون عما قليل، كيف يقابل «جاك غريزا» تكرمتنا وحفاوتنا: لقد فهم - ولم يرض بأن يفهم شيئا آخر - أننا نطالبه بحديث مسهب، بمحاضرة عن «مقاومة الشعب الفرنسي وفرنسا الجديدة»: ذلك في نظره هو كل هذا الاحتفال.
وسترون أنه تكلف وحده من الجهد أكثر مما تكلفنا نحن جميعا، فأتى - يا للضيف الكريم! حاملا إلى مضيفيه «الزوادة» الفاخرة، المنشطة، المحيية، رادا التحية بمثلها، بل بخير منها.
إن «جاك غريزا» وصحبه يعرفون كيف يصرفون هذه الحفلات والتظاهرات عن وجوههم إلى وجهاتها؛ الوجهات التي هم يرونها أحق بالتكرمة والحفاوة، إلى الأشياء الباقية والقيم الرفيعة التي لا معنى للحياة بدونها.
إن «جاك غريزا» وصحبه الذين صمدوا في الجحيم النازي أو في «تفرعاته» للتعذيب، للتنكيل، للتقتيل، للإبادة، راسخي القدم، ثابتي الجنان، عالي الجبين، يعرفون كيف يحنون رءوسهم الأبية؛ كي تتجاوزها باقات الزهر التي يرشقون بها، إلى تلك الأشياء الباقية، والقيم الرفيعة التي لا معنى للحياة بدونها: إلى وطنهم، إلى شعبهم، إلى مثلهم الإنساني الأعلى ... ولعل ذلك، والحق يقال، ناشئ عن أنهم تعودوا من الرشق، إلى زمن قريب، غير هذا النوع الزاهر!
لسنا من الذين يتصنعون اليأس من الشعب الفرنسي تصنعا. لسنا من الذين يوطنون أنفسهم على «ضرورة» اليأس من الشعب الفرنسي، أكثر من أي شعب من الشعوب، وكأنهم يريدون أن يخصوه بهذه «المعاملة الممتازة» كي يتفرغوا لهوى أجنبي آخر، لرجاء «متضخم». أجل، لسنا من هؤلاء.
إننا - ولسنا نخشى لومة لائم، ونحن فوق تهمة أي متهم - نرحب بفرنسا الجديدة كما يصورها «جاك غريزا» صديق اللبنانيين، ورفاقه أصدقاء الشعوب.
تلك الصداقة التي نرحب بها، والتي لا محل لسواها، لا في عقولنا ولا في قلوبنا، صداقة الوطن المستقل لوطن مستقل، والشعب الحر لشعب حر، والجماهير العاملة لجماهير عاملة، ليست صداقة فئة هنالك لفئة هنا، هي أحرى بأن تدعى «شركة» أي أن تسمى باسمها.
ذلك الضرب من الصداقة هو الذي أنطق «جاك غريزا»، هنا في بيروت، منذ عام 1938 بهذه الكلمة: «نحن لا نريد استقلال لبنان وحسب. نحن نريد استقلال الشعب اللبناني أيضا.» ولا حاجة بي إلى القول إن استقلال الشعب اللبناني - في رأي «جاك غريزا» وفي رأينا - إنما هو تحرره، تحرر جماهيره، تحررها بكل معنى الكلمة، بمعناها العميق الشامل؛ ذلك هو الاستقلال الأمثل.
نامعلوم صفحہ