حقائق الاسلام واباطيل خصومه
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
اصناف
وكانت ديانة العهد القديم تبيح لمن يشاء أن يتزوج ما يشاء بلا قيد ولا ضمان، وبهذه الإباحة وردت فيه أخبار إبراهيم ويعقوب وموسى وداود وسليمان.
ثم جاءت المسيحية فلم تنقض حكما من أحكام الناموس في أمر الزواج. وسئل بولس الرسول عن شرط الأسقف فكتب في رسالته الأولى إلى تيموثاوس أنه ينبغي أن يكون «بلا لوم بعل امرأة واحدة»، وهو تخصيص لا موجب له لو كان هذا هو الحكم العام المرعي بين جميع المؤمنين بالدين .
وظل آباء الكنيسة في الغرب يبيحون تعدد الزوجات، ويعترفون بأبناء الملوك الشرعيين من أزواج متعددات، فلما منعته بعد القرن السابع عشر على إثر الخلاف بينها وبين الملوك الخارجين عليها؛ كانت حجة منعه أن الاكتفاء بالواحدة أخف الشرور لمن لا يقدر على الرهبانية، ولم يكن منعه إكبارا لشأن المرأة يوم كان الخلاف بينهم على أنها ذات روح أو أنها جسد بغير روح ... ولم يكن بينهم خلاف يومئذ على أنها حبالة الشيطان، أبعد ما يكون الإنسان عنها أسلم ما يكون.
وبينما أمم الحضارة في إجماعها هذا على تلك النظرة الزرية إلى المرأة كانت أمة الصحراء تقضي فيها قضاء لا خيار بينه وبين ما عداه؛ كانت تتشاءم بمولدها، ولا تبالي أن تعالجها بالدفن في مهدها، مخافة العار أو مخافة الإملاق.
ومن تلك الزاوية النائية عن العالم تقبل عليه دعوة سماوية تنصفها من ظلم وترفعها من ضعة، وتبسط لها كنف المودة والرحمة وتنتزع لها من القلوب عدلا أعيى على الرءوس، وتقيد من مباح الزواج ما لم يقيده عرف ولا قانون، وتجعل لها الخيار بين ما ترضاه منه وما تأباه، وتستجد لها حياة يستحي المنصف والمكابر أن يجحدا فضلها العميم على ما كانت عليه.
وأما بعد هذا فماذا جاءت به القرون بعد القرون من زيادة لها على نصيبها من عدل الإسلام؟
خير ما لها في الإسلام لم يدركه خير ما لها في العصر الحديث، وشر ما يصيبها من الإسلام رحمة ونعمة بالقياس إلى الشر الذي يسلمها العصر الحديث إليه.
ولا تزال فضائل العصر الحديث في حاضرها ومآلها دعوى لم يؤيدها ثبوت من حوادث الواقع، ولا من مبادئ النظر.
فأما حوادث الواقع فشكوى المرأة منها في بيتها وفي دنياها كأسوأ ما كانت في عهد من العهود.
وأما مبادئ النظر فلا خير للمرأة أن تكون على مبدأ القرون الوسطى شيطانا يسلم الإنسان ما سلم منه، ولا خير لها أن تكون على مبدأ الفروسية الكاذبة ملكا في مباذل السوقة، ولا هي في خير مع الناس حتى يقنعوا لها الطبيعة - إن استطاعوا - ويقنعوا أنفسهم قبلها أن المرأة والرجل ندان متساويان متعادلان. (4) زواج النبي
نامعلوم صفحہ