حقائق الاسلام واباطيل خصومه

عباس محمود العقاد d. 1383 AH
146

حقائق الاسلام واباطيل خصومه

حقائق الإسلام وأباطيل خصومه

اصناف

لأن الذل هنا زيادة في الرحمة يأتي من كرامة في النفس ولا يأتي من هوان فيها.

وملاك الاعتدال في الخلق الإسلامي أن المسلم يؤمر بالعمل لدنياه كما يعمل لدينه، ويؤمر بصلاح الجسد كما يؤمر بصلاح الروح؛ فلا يكون في هذه الدنيا روحا محضا ولا يكون فيها جسدا محضا، ومن أبى عليه دينه أن يكون في هذه الدنيا جسدا محضا فمن العنت أن يقال إنه يعمل ليكون جسدا محضا في عالم الرضوان: عالم الروح والصفاء.

وقد ضلل بعض المغرضين من دعاة الأديان عقولا كثيرة في شتى الأقطار حين زعموا أن الخطاب بالمحسوسات في أمر الجنة والنار مقصور على العقيدة الإسلامية، وأن المؤمنين بالدين لا يؤمنون بالنعيم المحسوس إلا إذا كانوا من المؤمنين بالقرآن.

والأنبياء والقديسون في جميع الأديان الكتابية قد تمثلوا المحسوس في رضوان الله، ووصفوه على هذه الصفة في كتب العهد القديم والعهد الجديد وفي كتب التراتيل والدعوات؛ ففي العهد القديم يصف أشعياء يوم الرضوان في الإصحاح الخامس والعشرين من سفره فيقول:

يصنع رب الجنود لجميع الشعوب في هذا الجبل وليمة سمائن ووليمة خمر على دردي سمائن ممخة: دردي مصفى ويفني في هذا الجبل وجه النقاب؛ النقاب الذي على كل الشعوب والغطاء المغطى به على كل الأمم. يبلغ الموت إلى الأبد ويمسح السيد الرب الدموع عن كل الوجوه.

وفي العهد الجديد يقول يوحنا اللاهوتي في الإصحاح الرابع من رؤياه:

بعد هذا نظرت وإذا باب مفتوح في السماء، والصوت الأول الذي سمعته كبوق يتكلم معي قائلا: «اصعد إلى هنا فأريك ما لا بد أن يصير بعد هذا.» وللوقت صرت في الروح، وإذا عرش موضوع في السماء وعلى العرش جالس. وكان الجالس في المنظر شبه حجر اليشب والعقيق، وقوس قزح حول العرش في المنظر شبه الزمرد، وحول العرش أربعة وعشرون عرشا، ورأيت على العروش أربعة وعشرين شيخا جالسين متسربلين بثياب بيض وعلى رءوسهم أكاليل من ذهب، ومن العرش تخرج بروق ورعود وأصوات، وأمام العرش سبعة مصابيح نار متقدة هي سبعة أرواح الله، وقدام العرش بحر زجاج شبه البلور، وفي وسط العرش وحول العرش أربعة حيوانات مملوءة عيونا من قدام ومن وراء، والحيوان الأول شبه الأسد والحيوان الثاني شبه عجل والحيوان الثالث له وجه مثل وجه إنسان والحيوان الرابع شبه نسر طائر.

ويقول في الإصحاح العشرين:

متى تمت الألف السنة يحل الشيطان من سجنه ويخرج ليضل الأمم الذين في أربع زوايا الأرض: يأجوج ومأجوج، ليجمعهم للحرب وعددهم مثل رمل البحر ... فنزلت نار من عند الله من السماء وأكلتهم ... وإبليس الذي كان يضلهم طرح في بحيرة النار والكبريت ... وكل من لم يوجد مكتوبا في سفر الحياة طرح في بحيرة النار.

ويقول في الإصحاح الحادي والعشرين:

نامعلوم صفحہ