حقائق الاسلام واباطيل خصومه
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
اصناف
ومن هذه القواعد أن اليسر مفضل على الحظر في أوامر الشرع ونواهيه؛ فحيثما أمكن السماح فهو أفضل من الحجر والتقييد، لقوله تعالى:
يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر (البقرة: 185)، ولما أثر عن النبي - عليه الصلاة والسلام - في حديث السيدة عائشة أنه: «ما خير رسول الله
صلى الله عليه وسلم
بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن يكن إثما كان أبعد الناس عنه.»
ومن قواعد التشريع أن المعروف عرفا كالمشروط شرطا، وما رآه المسلمون حسنا فهو حسن، وأنه «لا يجوز إقامة الحد مع احتمال عدم الفائدة»، و«أن الضرورات تبيح المحظورات»، وأنه «لا ضرر ولا ضرار»، و«أن اختيار أخف الضررين مصلحة» و«البينة على المدعي واليمين على من أنكر»، و«الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا»، و«لا يمنعك قضاء قضيته بالأمس أن تراجع الحق»، و«إياك والغضب والقلق والضجر والتأذي بالناس.»
ومن ضوابط التشريع فصل السلطات وفصل عمل الحكم عن عمل التنفيذ، وفي ذلك يقول أحمد بن القرافي في الذخيرة: «إن ولاية القضاء متناولة للحكم لا يندرج فيها غيره، وليس للقاضي السياسة العامة ... وأما قوة التنفيذ فأمر زائد على كونه حاكما ... وليس للقاضي قسمة الغنائم وتفريق أموال بيت المال على المصالح وإقامة الحدود وتركيب الجيوش وقتال البغاة.»
ومن ضوابط التشريع حق النقض «فيما خالف نص آية أو سنة أو إجماع أو ما يثبت من عمل أهل المدينة أو القياس الذي لا يحتمل إلا معنى واحدا أو الدليل القاطع الذي لا يحمل اختلاف الآراء.»
وتفصيل ذلك مستفيض في كتب الفقهاء.
فالإمامة - بهذه الضوابط والآداب - مصدر دائم من مصادر التشريع لكل زمن بما يستجد فيه، ولكل حالة بما يناسبها، يواجه به الإسلام ضرورات التشريع بغير حجر على الإمام أو على الأمة، وحقهما في ذلك سواء؛ لأن الإمام وكيل الأمة في حماية الحقوق، ولأن إجماع الأمة هو الحجة التي يستند إليها الإمام كلما تيسر الإجماع التام، فما تيسر منه كاف في إجراء أعمال الإمامة.
ولا تقع في الحسبان - بهذه المثابة - قضية واحدة يقال إن مصادر التشريع الإسلامي تضيق عن حكمها الذي يناسب زمانها وأحوالها، ولا يجوز مع هذا أن نحسب الشريعة الإسلامية من الشرائع المتحجرة التي لا تقبل المرونة، وإن كانت كذلك لا تحسب من الشرائع الرخوة التي لا تتماسك على أساس متين.
نامعلوم صفحہ