مجتمعة على وجوب شكر الله تعالى على نعمة الإيمان، فيكون الإيمان من فعل الله تعالى، إذ لا شكر (1) على فعل غيره، وإذا لم يكن من فعل العبد، فلا يستحق عليه ثوابا فلا يتم دليله، على أنه لا يتعقبه كفر، لأن مبناه على استحقاق الثواب على الإيمان.
لأنا نقول: بل هو من فعل العبد، ونلتزم عدم صحة الشكر عليه ونمنع بطلانه.
قولك " في إثباته الأمة مجتمعة " إلى آخره قلنا: الشكر إنما هو على مقدمات الإيمان، وهي تمكين العبد من فعله وإقداره عليه، وتوفيقه على تحصيل أسبابه وتوفيق ذلك له لا على نفس الإيمان الذي هو فعل العبد، فإن ادعى الإجماع على ذلك سلمناه ولا يضرنا، وإن ادعى الإجماع على غيره منعناه فلا ينفعهم.
والاعتراض عليه رحمه الله من (2) وجوه.
أحدها: توجه المنع إلى المقدمة القائلة بأن الموافاة ليست شرطا في استحقاق الثواب، وما ذكره في إثباتها من أن وجوه الأفعال (3) وشروطها التي يستحق بها ما يستحق لا يجوز أن تكون منفصلة عنها، والموافاة منفصلة عن وقت الحدوث فلا يكون وجها، لا دلالة له على ذلك.
بل إن دل فإنما يدل على أن الموافاة ليست من وجوه الأفعال، لكن لا يلزم من ذلك أن لا يكون شرطا لاستحقاق الثواب، فلم لا يجوز أن يكون استحقاق الثواب مشروطا بوجوه الأفعال مع الموافاة أيضا؟ لا بد لنفي ذلك من دليل.
ثانيها: الآيات الكريمة التي مر بعضها، فإنها تدل على إمكان عروض الكفر بعد الإيمان، بل بعضها على وقوعه.
صفحہ 111