أقول: والحق في الجواب أن المراد - والله أعلم - ومن لم يحكم بما أنزل الله، أي: بما علم قطعا أن الله سبحانه أنزله، فإن العدول عنه إلى غيره مستحلا، أو الوقوف منه كذلك لا ريب في كونه كفرا، لأنه إنكار لما علم ثبوته ضرورة، فلا يكون التصديق حاصلا.
وحينئذ فلا دلالة فيها على أن من ارتكب معصية غير مستحل أو مستحلا، مع كون تحريمها (1) لم يعلم من الدين ضرورة يكون كافرا.
وإنما ارتكبنا هذا الاضمار في الآية لما دل عليه النص والاجماع من (2) أن الحاكم لو أخطأ في حكمه لم يكفر، مع أنه يصدق عليه أنه لم يحكم بما أنزل الله.
واعلم أنه قد ظهر من هذا الجواب وجه آخر للجمع بين الآيتين ودفع التعارض بين ظاهرهما، بأن يراد من إحداهما ذكرناه في (3) الجواب، ومن الأخرى ومن لم يحكم غير مستحل مع علمه بالتحريم فهو فاسق.
والحاصل أنه يقال لهم: إن أردتم بالطاعات والتروك ما علم ثبوته من الدين ضرورة، فنحن نقول بموجب ذلك.
لكن لا يلزم منه مدعاكم، لجواز كون الحكم بكفره: إما لجحده ما علم من الدين ضرورة، فيكون قد أخل بما هو شرط الإيمان، وهو عدم الجحد على ما قدمناه، أو لكون المذكورات جزء الإيمان على ما ذهب إليه بعضهم وإن أردتم الأعم، فلا دلالة لكم فيها أيضا، وهو ظاهر.
صفحہ 86