فسمع سفيان كلامها، فقال: عليكم بدين العجائز.
على أنه لو سلم فالمراد به التفويض إلى الله تعالى في قضائه وحكمه والانقياد له في أمره ونهيه.
واحتج من جوز التقليد: بأنه لو وجب النظر في المعارف الإلهية لوجد من الصحابة، إذ هم أولى به من غيرهم لم يوجد، وإلا لنقل كما نقل عنهم النظر والمناظرة في المسائل الفقهية، فحيث لم ينقل لم يقع فلم يجب.
وأجيب: بالتزام كونهم أولى به لكنهم نظروا، وإلا لزم نسبتهم إلى الجهل بمعرفة الله تعالى، وكون الواحد منا أفضل منهم، وهو باطل إجماعا، وإذا كانوا عالمين وليس بالضرورة فهو بالنظر والاستدلال.
وأما أنه لم ينقل النظر والمناظرة، فلاتفاقهم على العقائد الحقة، لوضوح الأمر عندهم، حيث كانوا ينقلون عقائدهم عن من لا ينطق عن الهوى، فلم يحتاجوا إلى كثرة البحث والنظر.
بخلاف الأخلاف بعدهم، فإنهم لما كثرت شبه الضالين، واختلفت أنظار طالبي اليقين، لتفاوت أذهانهم في إصابة الحق، احتاجوا إلى النظر والمناظرة، ليدفعوا بذلك شبه المضلين ويقفوا على اليقين.
أما المسائل الفروع، فإنها لما كانت أمورا ظنية، اجتهادية خفية، لكثرة تعارض الأمارات فيها، وقع بينهم الخلاف فيها، والمناظرة والتخطئة لبعضهم من بعض فلذا نقل.
واحتجوا أيضا: بأن النظر مظنة الوقوع في الشبهات والتورط في الضلالات بخلاف التقليد فإنه أبعد عن ذلك، وأقرب إلى السلامة، فيكون أولى، ولأن الأصول أغمض أدلة من الفروع وأخفى، فإذا جاز التقليد في الأسهل جاز في الأصعب بطريق أولى، ولأنهما سواء في التكليف بهما، فإذا جاز في الفروع
صفحہ 64