ہانن الا خرافہ
الحنين إلى الخرافة: فصول في العلم الزائف
اصناف
أو بخدر آكلي اللوتس،
20
تلك معيشة سلبية كئيبة تقتات بالوهم عوض أن تغير الواقع، وتزين الشوك عوض أن تقتلعه.
يفتتن بعض الناس بالخرافة؛ لأنها مثيرة للدهشة زاخرة بالغرابة، ولهؤلاء نقول: إن العلم يفوقها في هذا المضمار فتنة وإدهاشا ويزيد عليها بأن غرابات العلم حق. إن نظرة في تلسكوب أو مجهر لتلقي بالمرء في عوالم فاتنة بديعة ملونة أنعم من أهداب الحلم وأغرب من نسج الخيال، غير أنها حق: أطراف الكون القصية، تشكيلات الأنجم والمجرات، تلافيف الدماغ ومسالكه ودروبه، العالم تحت الذري، العالم الجيني، قصة التطور تقرؤها منقوشة في أحافير الصخور وأنوية الخلايا، أعاجيب لم يجد بمثلها خاطر ولم تتفتق بمثلها قريحة .
ويفتتن البعض بالخرافة؛ لأنها تدغدغ عواطف وتبعث نشوات ، ولهؤلاء نقول: إن للعلم مقاماته وأحواله وطربه ومواجده. «الطريقة العلمية» ملة حياتية لها أخلاقياتها بل روحانياتها: التطهر بالاختبار، الاعتراف بالخطأ، التبتل للحقيقة، الولاء الخالص ل «الدليل»
evidence ، التنزه عن الغرض، إرجاء الحكم، الانفتاح على الأفكار، الانتشاء بالكشف، الابتهاج بالزمالة. (7) طرائف تاريخية
21 (7-1) مرهم السلاح
22
من العلاجات التي راجت في القرن السابع عشر مرهم خاص معد من تركيبة مسجلة معقدة، من عناصر يصعب الحصول عليها، زعموا أنها لا تؤتي مفعولها إلا إذا اتبعت وصفتها بدقة، وعجيب أمر هذا المرهم أنه لا يدهن به الجرح بل السلاح الذي أحدث الجرح! وقد صدق عليه فرنسيس بيكون نفسه، أبو التجريب العلمي الحديث ومؤسس الفلسفة الاستقرائية! الذي كان متشككا في البداية ولكنه اقتنع بنفس الطريقة التي يقتنع بها كثير من علية المتعلمين في زمننا الحديث بممارسات تبدو مزرية: لقد شاهد النتائج مباشرة، شاهدها بأم عينه، وآمن من ثم بأنها صادقة بالضرورة.
كيف يمكن لشخص في طبقة بيكون التعليمية أن يسقط في مثل هذه الممارسة السخيفة؟! الحق أن مرهم السلاح أقنع المتشككين إذ شاهدوا بأعينهم نتائجه المذهلة، لقد كان علاجا ناجعا حتى إذا كان الشخص الجريح لا يدري أنه يعالج، بل قيل: إنه كان ناجع التأثير حتى على الحيوانات (وهي نقطة وجدها بيكون دامغة إذ بدا أنها تستبعد عامل الإيحاء)، أما حالات الفشل فكانت تفسر - استبعاديا - بوجود خطأ في إعداد التركيبة المعقدة للمرهم.
نامعلوم صفحہ