وانتفضت، انتابني شعور بالخوف، ذلك الخوف الذي يشعر به المرء، حينما تتولد في نفسه حاجة جديدة إلى شيء ضروري، قد لا يستطيع الحصول عليه، أو قد يضيع منه لو أنه حصل عليه.
وقادني الشعور بالخوف إلى رغبة في التمرد، ذلك التمرد الذي يحس به العاجز ليضفي على نفسه قوة من عنده.
وجدتني من حيث لا أدري أغضب، وقلت له في ثورة: ماذا تريد مني؟
قال في حنان: أحبك، أحبك، أحبك.
قلت في ثورة: هل نسيت أنك رجل متزوج؟ إنني لا أقبل هذا الحب؛ لأنني أعرف نهايته.
قال في هدوء: وما نهايته؟ - ستأتي بعد فترة وتقول لي: لن أستطيع التخلي عن زوجتي! - لن أقول ذلك. - ولن أقبل منك أن تتخلى عن زوجتك.
وسكت قليلا، ثم قال: وما الذي يرضيك الآن؟ - ألا نتقابل. - أبدا؟ - أبدا. - هل هذا هو الحل؟ - ليس أمامنا سواه. - إنني أوافق على شرط. - ما هو؟ - أن تقابليني حينما تريدين أن تغيري هذا القرار.
وافترقنا، ومضى يوم، واثنان، وثلاثة.
وفي نهاية اليوم الثالث جاءني صوته العميق الصادق يقول: أريد أن أراك. - متى؟ - الآن.
وجلست إلى جواره أستمع إلى صوته العميق الهادئ، وأشعر براحة تسري في أعصابي المرهقة، فأمدد ساقي على السور الحديدي في استرخاء يشبه النوم، وأترك نظراتي المطمئنة في صفحة النيل، قال: لن يكون بعد ذلك قرارات.
نامعلوم صفحہ