286

ہمیان الزاد الی دار المعاد

هميان الزاد إلى دار المعاد

اصناف

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب

فإن كون الفلول فى السيوف من مصادمة العساكر غير عيب، بل مدح أكد به كأنه قيل إن كانت لهم حجة فما هى إلا حجة الظالم، ومعلوم أن حجة الظالم فى ظلمه باطلة، فهذا مدح لهم ومدح لأهل الحق، ويدل على أن الاستثناء منقطع. قراءة زيد بن على ألا الذين ظلموا، بفتح همزة ألا وتخفيف لامه وهى التى للاستفتاح والتنبيه، فالذين ظلموا مبتدأ خبره محذوف أى لا حجة لهم، أو مفعول لمحذوف على الاشتغال، أى لا تخشو الذين ظلموا منهم، فسره فلا تخشوهم أو خبره لا تخشوهم، والفاء على الوجهين زائدة، وزعم أبو عبيدة معمر بن المثنى أن إلا عاطفة على الناس عطف عام على خاص، قال ابن هشام ذكر الأخفش والفراء وأبو عبيدة أن إلا تكون عاطفة بمنزلة الواو فى التشريك فى اللفظ. والمعنى وجعلوا منه لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا لا يخاف لدى المرسلون إلا من ظلم ثم بذل حسنا بعد سوء أى ولا الذين ظلموا ولا من ظلم وتأولهما الجمهور على الاستثناء المنقطع انتهى. { فلا تخشوهم } يا معشر العرب، أو يا معشر المؤمنين، لا تخافوا طعنهم فإنه لا يضركم ولا يزرى بكم، ولا جدالهم فى التولى إلى الكعبة، فإنهم قد علموا أنه جدال باطل وأنى أنصركم عليهم بالحق. { واخشونى } عظمونى ولا تتركوا أمرى ولا تخالفوه، أو احذروا عقابى على ترك أمرى، فإنى الضار النافع والعالم بمصالحكم. قال الفخر الرازى هذه الآية تدل على أن الواجب على المرء فى كل أفعاله وتركه أن ينصب بين عينيه خشية ربه تعالى، وأن يعلم أنه ليس فى يد الخالق شئ ألبتة، وألا يكون مشتغل القلب بهم، ولا ملتفت الخاطر إليهم.

انتهى. { ولأتم } عطف على قوله تعالى { لئلا يكون للناس عليكم حجة } أى فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون. ولأتم نعمتى عليكم، بالإرشاد إلى معالم دينكم، كالتحويل إلى الكعبة، أو على محذوف، أى واخشونى لأنصركم عليهم. أو لأحفظنكم عنهم. ولأتم نعمتى عليكم أو لأوفقكم ولأتم، أو متعلق بمحذوف مستأنف أو بإخبار معطوف على إن شاء أمرتكم بذلك لأتم نعمتى عليكم، أو عرفتكم قبلتى لأتم نعمتى عليكم. { نعمتى عليكم } وهو دين إبراهيم، فإنه نعمة من الله، جل وعلا، لنا، أو هى تبيينية لنا، وفى الحديث

" تمام النعمة دخول الجنة "

رواه الترمذى، وعن على " تمام النعمة الموت على الإسلام " وقيل تمام النعمة رضا الله سبحانه وتعالى، فيجمع بأن تمام النعم التى فى الدنيا من أمر الدين والدنيا، الثبات على الإسلام عند الموت، وتمام النعمة بعد البعث دخول الجنة، فإن قبل دخولها تبشير الملكين فى قبره وأرته موضعه فى الجنة، وملكه فيها، ورعى روحه فى الجنة بعد موته. وبعثه آمنا وإعطائه كتابه بيمينه، وإلباس الحلة له، والمد فى قامته طولا وعرضا، وتحسينه جدا، والشرب من الحوض وشفاعة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعير ذلك. وأيضا ذلك كله تمام لما قبله من النعم فى الدنيا، وإذا استقر أهل الجنة فيها أوحى الله إليهم أنى راض عنكم فلا أسخط عليكم أبدا، وهذا تمام النعمة كلها على الإطلاق. { ولعلكم تهتدون } لعل للتعليل، والعطف على لأتم أو على ما عطف عليه لأتم، والمعنى ولتهتدوا. أو للترجى فى حق البشر مستأنفا، والمراد الاهتداء إلى الحق.

[2.151]

{ كما أرسلنا } متعلق بقوله { أتم } ، أى ولأتم نعمتى عليكم، كما أرسلنا فيكم رسولا منكم أى كما بدأتكم بإرسال الرسول فيكم منكم أتم نعمتى عليكم، غير أنه لما قدم أتم صح قرنه بلام التعليل، كأنه قيل ولأتم نعمتى عليكم كما بدأتها بإرساله، وهذا أولى من أن يقال كما أتممتها بإرسال رسول منكم، أو متعلق بقوله { اذكرونى } على أن الفاصلة أى اذكرونى بالعبادة، كما أرسلنا فيكم رسولا منكم، وقيل متعلقا بتهتدون، وتعليقه باذكرونى هو قول الفراء، قال { كما أرسلنا فيكم رسولا } وأوليتكم هذه النعمة فاذكرونى، ويجوز تعليقه بأذكركم، ووجه التعليق باذكرونى أن المعنى افعلوا خيرا يعود عليكم وهو ذكركم إياى كما فعلت خيرا هو إرسالى رسولا منكم، بل ذكركم إياى نعمة منى، كما أن الإرسال نعمة منى، ووجه التعليق بأذكركم أن المعنى أنعم عليكم بذكرى إياكم، كما أنعمت عليكم بالإرسال منكم، ووجه التعليق بتهتدون أن الاهتداء نعمة من الله، كما أن الإرسال نعمة منه تعالى، أو أن الاهتداء هو الذى طلبه إبراهيم عليه السلام بقوله

ومن ذريتنا أمة مسلمة لك

وإرسال الرسول من العرب هو الذى طلبه بقوله

وابعث فيهم رسولا منهم

نامعلوم صفحہ