الكسبية تزكية النفس وتحليتها المذكورتان. وتزيين البدن بالهيئات المطبوعة والحلى المستحسنة والمال والجاه، ويجوز أن يراد فى الآية جميع النعم المذكورة لاستثناء المغضوب عليهم والضالين بعد، كما يأتى. { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } أخرج أحمد والترمذى وحسنه وابن حيان فى صحيحه عن عدى بن حاتم عنه - صلى الله عليه وسلم - أن المغضوب عليهم هم اليهود، وأن الضالين هم النصارى، وأخرج ابن مردويه عن أبى ذر
" سألت النبى - صلى الله عليه وسلم - عن المغضوب عليهم قال " اليهود " ، وعن الضالين قال " النصارى "
وكذلك فسر ابن مسعود وابن عباس ومجاهد والسدى وابن زيد والحسن، وذلك واضح من كتاب الله، لأن ذكر غضب الله على اليهود متكرر فى كتاب الله كقوله عز وعلا
وباءوا بغضب من الله
وقوله
قل أؤنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله
الآية، وأما النصارى فمذكورون فى الضلال كقوله تعالى
ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل
وكان محققوهم على هدى حتى ورد شرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنكروه وضلوا وأضلوا، وأما غير محققيهم فضلالتهم متقررة منذ تفرقت أقوالهم فى عيسى عليه السلام، والمشركون كلهم مغضوب عليهم وكلهم ضالون، لكن اليهود والنصارى يقرءون التوراة والإنجيل، ويزعمون أنهم يدينون بهما وقد حرفوهما وهم على غير هدى، قيل ذكر كلا بما يغلب عليه، وقيل المعنى غير المغضوب عليهم بالبدعة ولا الضالين عن السنة وذلك أعم، فالنبى صلى الله عليه وسلم ينوى التحرز عن البدعة عما أمر الله وعن سنن الأنبياء من قبله التى لم تنسخ، والصحابة ينوون ذلك، والتحرز عن الخروج عما فى القرآن وعما سنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وحى وغيره، وغير الصحابة ينوون ذلك كله، والتحرز عن الخروج عما عليه الصحابة، ويجوز أن يقال المغضوب عليهم العصاة والضالون الجاهلون، لأن المنعم عليه من وفق للجمع بين معرفة الحق تعالى لذاته والخير للعمل به، فكان المقابل له من اختلت معرفته أو عمله، والمخل بالمعرفة جاهل ضال وهو مشرك أيضا. قال الله تعالى
فماذا بعد الحق إلا الضلال
نامعلوم صفحہ