" إن الله تعالى قبض قبضة من جميع الأرض، سهلها وحزنها، فخلق منها آدم، فلذلك يأتى بنوه أخيافا "
رواه الحاكم وصححه والبيهقى. والحزن ما غلظ من الأرض. والأخياف مختلفون فى اللون والخلق والهيئة. وقال أبو موسى الأشعرى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" خلق الله آدم من طينة من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، منهم الأبيض والأحمر والأسود، والسهل والحزن، والحسن والقبيح، والخبيث والطيب "
وعن ابن عباس خلق الله آدم من طينة بيضاء وحمراء وسوداء ثم صعد بها ملك الموت إلى الله تعالى فأمر أن يجعلها طينا بالماء المر والعذب ولمالح فعجنها ثم جعلها طينا فخمرها، فلذلك اختلفت أخلاقهم، ثم أمر جبريل أن يأتى بالتربة البيضاء التى هى قلب الأرض وبهاؤها ونورها، ليخلق منها محمدا صلى الله عليه وسلم، فهبط جبريل فى ملائكة الفردوس المقربين والكروبيين والملائكة الأعلى، فقبض قبضة من موضع قبر النبى صلى الله عليه وسلم، وهى بيضاء نقية، فعجنت بماء التسنيم وصارت كالدرة البيضاء، ثم غمست فى أنهار الجنة، وطيف بها فى السماء والأرض، فعرفته الملائكة قبل أن تعرف آدم عليهما الصلاة والسلام، ثم عجنها بطينة آدم عليه السلام، ثم تركها أربعين سنة، وصارت طينا لازبا، ثم أربعين سنة وصارت صلصالا كالفخار، وهو الطين اليابس، الذى إذا ضربته صلصل أى صوت، ليعلم أن أمره بالصنع والقوة لا بالطبع والحيلة، فإن الطين اليابس لا ينقاد ولا يتأتى تصويره، ثم جعله جسدا وألقاه على طريق الملائكة، التى تهبط وتصعد فيه أربعين سنة.
فذلك قوله تعالى
هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا
قال ابن عباس - رضى الله عنهما - الإنسان دم والحين أربعون سنة كان آدم حينئذ ملقى على باب الجنة. وفى صحيح الترمذى بالإسناد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى تفسيره سورة البقرة
" إن الله تعالى خلق آدم بيده أى بقدرته، من قبضة قبضت من جميع الأرض السهل والوعر والجبل، والأسود والأبيض والأحمر. فجاءت أولاده على ألوان الأرض "
وسأل عبد الله بن سلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف خلق الله آدم؟ قال خلق وجهه من أرض الحجاز، وصدره وظهره من بيت المقدس، وفخذيه من أرض اليمن، وساقيه من أرض مصر، وقدميه من أرض الحجاز أيضا، ويده اليمنى من أرض المشرق، واليسرى من أرض المغرب، ثم ألقاه على باب الجنة فكلما مر به ملك من الملائكة عجب من حسن صورته وطول قامته ولم تكن الملائكة قبل ذلك رأت شيئا يشبهه فى الصور. فمر به إبليس فرآه ثم قال لأمر ما خلقت ثم ضربه بيده، فإذا هو أجوف، فدخل من فيه وخرج من دبره. وقال لأصحابه الذين معه من الملائكة هذا خلق أجوف لا يثبت ولا يتماسك، أى لا يثبت فى الهواء كالطير والملك والجن. وروى لا يتمالك أى لا يصير ملكا ثم قال أرأيتم أن فضل هذا عليكم ما أنتم صانعون؟ قالوا نطيع ربنا، فقال إبليس فى نفسه والله لا أطيعه، ولئن فضل على لأهلكنه، فذلك قوله تعالى للملائكة
وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون
نامعلوم صفحہ