وقال أبو نخيلة:
رأتْ قَميصِي قد تَفَرَّى عن يَدِي
وعنْ ذِراعيَّ وعنْ مُقَلَّدِي
تَفرِي الجَفْن عن المُهَنَّدِ
وقدْ عَلَتْنِي ذُرْأةٌ بادِي بَدِي
وَرَثْيَةٌ تَنهضُ في تَشَدُّدِ
وصارَ للفحلِ لِسانِي ويَدِي
وقال منصور الفقيه:
فكُنْ إذا الشَّيْبُ أتَى ... منِ الرَّدَى علَى وَجَلْ
أنشدني محمد بن عبد الكريم الكاتب لإسحاق بن إبراهيم الموصلي:
سلامٌ علَى سَيْرِ القِلاصِ ما الرَّكبِ ... وَوَصْلِ الغَواني والمُدامَةِ والشُّربِ
سلامُ امرئٍ لم يبقَ منهُ بقيَّةٌ ... سوَى نظرِ العينينِ أو شهوةِ القلبِ
لعمرِي لقدْ حُلِّئْتُ عن منهلِ الصِّبا ... لقد كنتُ وَرَّادًا لمشْرَعِهِ العذبِ
لياليَ أمشي بينَ بُردَيَّ لاهيَا ... أمِيسُ كغصنِ البانَةِ الناعِمِ الرَّطْبِ
وقال آخر:
رحَلَ الشَّبابُ مُوَلّيًا ... مَا إنْ أقامَ ولا وَقَفْ
كانَ الشَّبابُ كمُرْسَلٍ ... أدَّى الرِّسالَةَ وانصرَفْ
أنشدني أبو القاسم النعماني للخوارزمي:
ذَهَبَ الشَّبيبةُ والحَبيبةُ فانْبَرَى ... دَمْعانِ في الخدَّينِ يزدَحِمانِ
مَا أنصفَتْني الحادثاتُ رَمَيْنَنِي ... بمُودِّعَيْنِ وليسَ لي قلبانِ
وقال أعشى قيس:
فإنْ يُمْسِ عِندي الشَّيْبُ والهمُّ ... والعَشَى فقدْ بِنَّ منِّي والسِّلامُ تُفَلَّقُ
بأشجَعَ أخَّاذٍ علَى الدَّهرِ حكمُهُ ... فمنْ أيّ مَا تَجني الحوادثُ أفرَقُ
وقال آخر:
قدْ ينفَعُ الأدبُ الأحداثَ في مَهَلٍ ... وليسَ ينفعُ بعدَ الكَبْرَةِ الأدبُ
إنَّ الغُضونَ إذا قَوَّمتها اعتدَلَتْ ... ولا تَلينُ إذا قَوَّمتها الخَشَبُ
وقال آخر:
وإنَّ سَفَاه الشَّيخِ لا حِلْمَ بعده ... ويُبدِي الفَتَى بعد السَّفاهِ تَحلُّما
لِذِي الحِلْم قبلَ اليومِ مَا تُقرعُ ... العَصَا وما عُلِّمَ الإنسانُ إلاَّ ليَعلما
وقال صالح بن عبد القدوس:
والشَّيخُ لا يترُكُ أخلاقَهُ ... حتَّى يُوارَى في ثَرَى رمسِهِ
إذا ارعَوَى عادَ إلى جهلِهِ ... كذِي الضّنَى عادَ إلى نكسِهِ
وإنَّ مَنْ أدَّبتَهُ في الصِّبا ... كالعُودِ يُسقَى الماءَ في غرسِهِ
حتَّى تَراهُ مُورِقًا ناضرًا ... بعدَ الَّذي أبصرتَ من يبسِهِ
وقال لبيد:
بَلِينا وما تبلَى النُّجومُ الطَّوالعُ ... وتبقَى الجبالُ بعدنا والمصانِعُ
وما المرءُ إلاَّ كالشِّهابِ وضوئِهِ ... يحُورُ رَمادًا بعد إذ هو ساطعُ
وما النَّاسُ إلاَّ كالدِّيارِ وأهلِها ... بها يومَ حَلُّوها وغَدوًا بلاقعُ
وما المالُ والأهلونَ إلاَّ وديعةٌ ... ولا بدَّ يومًا أنْ تُردَّ الودائعُ
وما النَّاسُ إلاَّ عاملانِ فعاملٌ ... يُتبّرُ ما يبنِي وآخرُ رافعُ
فمنهم سعيدٌ آخذٌ لنصيبِهِ ... ومنهم شقيٌّ بالمعيشةِ قانعُ
أليسَ ورائي إنْ تراختْ منِّيَّتِي ... ركوبُ العَصَا تحْنَى عليها الأصابعُ
أخبّر أخبارَ القرونِ الَّتي مَضَتْ ... أَدبّ كأنّي كلّما قمتُ راكِعُ
وقال أبو يعلى حمزة بن أحمد الفقيه من مقصورته:
ذُو الشَّيْبِ عمَّا يَشتهيهِ عاجزٌ ... لا مُقصِرٌ فأيّ خيرٍ يُرتَجَى
مَنْ كفَّ عن آثامِهِ ضَرورةً ... فلا صَحَا ولا انتَهَى ولا ارْعَوَى
الدّينُ رأسُ المالِ فاستمسِكْ بِهِ ... فمن نَجَا بدِينهِ فقدْ نَجَا
وقال آخر:
تاركَكَ الذَّنبُ فتاركتَهُ ... بالجسمِ والشَّهوةُ في القلبِ
تركتَهُ إذْ لمْ تجدْ حِيلةً ... وقلتَ قد تُبْتُ إلى الرّبِّ
فالحمدُ للذّنبِ علَى تركِهِ ... لا لَكَ في ترككَ للذّنْبِ
دخل أرطأة بن سهيّة علَى عبد الملك بن مروان وقد كبر، فقال: أنشدني، فأنشده قوله:
رأيتُ المرءَ تأكلُهُ اللَّيالي ... كأكلِ الأرض ساقِطةَ الحديدِ
وما تبقي المنيَّةُ حينَ تأتِي ... علَى نفسِ ابنِ آدمَ من مَزيدِ
وأعلمُ أنَّها ستعودُ حتَّى ... تُوفِّي نَذْرَهَا بأبي الوليدِ
1 / 8