اقترب ليزي منه وقالت: حظا سعيدا.» ثم قبلته قبلة سريعة على وجنته وأضافت: «لا تقلق. أنت بين أصدقائك. وسأراك هناك.» «ماذا تعنين؟» «لقد قررت الجمعية أن علي المشاركة في هذا كله، ووافق تشارلي؛ لذا تعين على شوالتر أن توافق. ثمة أطراف عديدة ممثلة هنا، وبدا من غير الملائم ألا نشارك نحن. لكن لدي بعض الأمور التي أود الاعتناء بها أولا؛ لذا سأغيب لبعض الوقت.»
ثم فتحت الباب وغادرت. أشار تشارلي إلى البيضة. خلع جونزاليس قميصه وبنطاله وسرواله الداخلي وعلقها على أحد المشاجب بالخزانة، ثم خطا داخل البيضة واستلقى على ظهره. تسللت الأنابيب الشبيهة بالحبل السري نحوه، وارتدى قناع الوجه وتحقق أنه مغلق بإحكام، وهو يشعر بقلق غير معتاد؛ إذ لم يسبق له قط أن دخل في حالة اتصال عصبي من دون أن يضبط كيمياء مخه أولا عن طريق العقاقير والصوم.
انغلق نصف البيضة العلوي، وبدأ سائل يملأ البيضة. بعدها بدقائق، في الوقت الذي يفترض فيه بدء السيناريو، بدا أنه اختفى في حالة من الشلل. حاول أن يحرك أحد أصابعه لكن بدا له أنه لا يملك أي أصابع. أخذ يستمع إلى صوت تدفق الدم إلى أذنيه، لكن لم يكن لديه أذن أو دم. لم يكن ثمة وجود لاتجاهات مثل الأعلى أو الأسفل أو اليمين أو اليسار. استقبال الحس العميق، الحاسة الدهليزية، الرؤية: كل الحواس التي يستطيع الجسم من خلالها أن يعرف نفسه كانت قد اختفت. لم يتبق شيء بخلاف نفسه الخائفة؛ كان هائما في اللامكان، دون رفقة أحد.
بمرور بعض الوقت (وقت قصير؟ طويل؟ يستحيل معرفة ذلك) اكتشف، فيما وراء مشاعر الخوف والقلق، منطقة اهتمام استثنائي غامض. نما شيء ما هناك؛ حيث تركز انتباهه، لم يتجاوز كونه تكثيفا للعدم، ثم ظهرت شرارة، وتغير كل شيء؛ فرغم أنه لا يزال يفتقر إلى أي إدراك مادي مباشر في ذاته ، فقد كان يعلم: «هناك شيء ما.»
الآن في الظلام، أخذ ينتظر مجددا.
شرارة تلو الأخرى، نبض إيقاعي من الشرارات ... وتسبب إيقاع الحضور والغياب الخاص بها في خلق الزمن. تملكت جونزاليس مشاعر الضرورة الملحة، نفاد الصبر، الرغبة في الاستمرار. تجمعت الشرارات. سطعت واحدة فوق الأخرى، وظلت باقية؛ ومن ثم خلقت المكان.
تبددت كل مشاعر الضرورة الملحة والقلق، وكان جونزاليس الآن يشعر بالانبهار. توالت الشرارات بالعشرات، بالمئات، بالآلاف، بالملايين، بالمليارات، بالتريليونات، بالجوجلات، بالجوجل بلكسات، وبجوجل بلكسات الجوجل بلكسات ... كلها فوق أو داخل النقطة الوحيدة التي تحدد فيها المكان والزمن.
وبعد ذلك (بطبيعة الحال، ما فكر جونزاليس) انفجرت النقطة، وأخذت زهرة أولية من اللهب تتمدد كي تملأ مجال رؤيته. هل سيشاهد الكون وهو يتطور، والسدم وهي تتشكل من الغازات، والنجوم وهي تخرج من رحم السدم، والمجرات وهي تتألف من النجوم؟
كلا؛ فعندما انفتح جفنا عينيه فجأة، بدا أن أمامه بحيرة من المياه الزرقاء العميقة تحيط بها أشجار دائمة الخضرة، مع سلسلة من القمم الغائمة على مبعدة. استدار ورأى أنه كان يقف على منصة من الخشب الرمادي البالي بفعل تأثير الطقس، وكانت تطفو على براميل صدئة، تبرز داخل البحيرة.
كان ثمة رجل يقف على الشاطئ، يلوح بيده، وإلى جاره وقف الشكل الذي يجسد ألف، وقد بدا جسده الذهبي ورأسه ذو الألوان الفاقعة أكثر تألقا تحت أشعة الشمس الساطعة. سار جونزاليس نحوهما.
نامعلوم صفحہ