ہکذا تکلم زرادشت
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
اصناف
وإذ وصل زارا إلى المدينة المجاورة، وهي أقرب المدن إلى الغاب، رأى الساحة مكتظة بخلق كثير أعلنوا من قبل أن بهلوانا سيقوم هناك بالألعاب، فوقف زارا في الحشد يخطبه قائلا: إنني آت إليكم بنبأ الإنسان المتفوق، فما الإنسان العادي إلا كائن يجب أن نفوقه، فماذا أعددتم للتفوق عليه؟
إن كلا من الكائنات أوجد من نفسه شيئا يفوقه، وأنتم تريدون أن تكونوا جزرا يصد الموجة الكبرى في مدها، بل إنكم تؤثرون التقهقر إلى حالة الحيوان بدل اندفاعكم للتفوق على الإنسان، وهل القرد من الإنسان إلا سخريته وعاره؟ لقد اتجهتم على طريق مبدؤها الدودة ومنتهاها الإنسان، غير أنكم أبقيتم على جل ما إن الصحراء تتسع وتمتد فويل لمن يطتتصف به ديدان الأرض، لقد كنتم من جنس القرود فيما مضى، على أن الإنسان لم يفتأ حتى اليوم أعرق من القرود في قرديته.
ليس أوفركم حكمة إلا كائن مشوش لا يمت بنسبه إلى أصل صريح ، فهو مزيج من النبات والأشباح، وما أدعو الإنسان ليتحول إلى شبح أو إلى نبات.
لقد أتيتكم بنبأ الإنسان المتفوق.
إنه من الأرض كالمعنى من المبنى، فلتتجه إرادتكم إلى جعل الإنسان المتفوق معنى لهذه الأرض وروحا لها.
أتوسل إليكم، أيها الإخوة بأن تحتفظوا للأرض بإخلاصكم فلا تصدقوا من يمنونكم بآمال تتعالى فوقها، إنهم يعللونكم بالمحال فيدسون لكم السم، سواء أجهلوا أم عرفوا ما يعملون أولئك هم المزدرون للحياة، لقد رعى السم أحشاءهم فهم يحتضرون، لقد تعبت الأرض منهم فليقلعوا عنها.
لقد كانت الروح تنظر فيما مضى إلى الجسد نظرة الاحتقار فلم يكن حينذاك من مجد يطاول عظمة هذا الاحتقار. لقد كانت الروح تتمنى الجسد ناحلا قبيحا جائعا متوهمة أنها تتمكن بذلك من الانعتاق منه ومن الأرض التي يدب عليها، وما كانت تلك الروح إلا على مثال ما تشتهي لجسدها ناحلة قبيحة جائعة، تتوهم أن أقصى لذاتها إنما يكمن في قسوتها وإرغامها.
أفليست روحكم، أيها الإخوة، مثل هذه الروح؟ أفما تعلن لكم أجسادكم عنها أنها مسكنة وقذارة وأنها غرور يسترعي الإشفاق؟
والحق ما الإنسان إلا غدير دنس، وليس إلا لمن أصبح محيطا أن يقتبل انصباب مثل هذا الغدير في عبابه دون أن يتدنس.
تعلموا من هو الإنسان المتفوق.
نامعلوم صفحہ