فتنهد أبوه وحاول الابتسام وقال : «لم أكن أشك فيما قلته لي، ولكن سوء حظي ساقني إلى ما ارتكبته، ولكني أحمد الله على خلاصنا من هذا الخطر.» ثم التفت إلى حسن وقال: «إني أعتذر إليك من تعمدي قتلك على غير معرفة بك، ولا أظنني دفعت إلى ارتكاب الجريمة إلا بما جنيته من الذنب برجوعي عن المطالبة بدم ذلك المقتول ظلما.» قال ذلك وشرق بريقه فسكت برهة وحسن ينظر إليه ويعجب. ثم عاد أبو سليمان إلى الكلام فقال: «كنت من التوابين الذين ندموا على تخلفهم عن الحسين بن علي، حتى قتل ظلما في سهل كربلاء. ولكنني لم أثبت على توبتي، فانتظمت في خدمة الذين قتلوه، ولا ريب أن عملي لم يرض الحق - سبحانه وتعالى - وعلي أن أكفر عن ذلك بتكريس ما بقي من حياتي لنصرة أعدائهم، وقد علمت أنك سائر إلى مكة فهل تستصحبني؟ وإلا فإني هائم على وجهي في هذه الصحراء.»
فقال حسن: «إذا رافقتني فإني آنس بك وأتخذك أبا لي؛ لأن سليمان أخي، ولكن أرى أن ...» وأسكته الحياء.
فقال أبو سليمان: «تكلم يا بني ولا تخف فإني بمنزلة أبيك، بل أنا خادم لك ولا أستنكف من أمر أجريه في خدمتك. قل ما بدا لك.»
قال حسن: «إذا كنت ترى أن تتفضل علي وتعاملني معاملة الأب لابنه فإن لي عندك طلبا أستحيي أن أكلفك به.»
قال: «لا تستح يا بني، قل.»
قال: «أحب فتاة في هذه المدينة، وقد خطبتها وأنا مضطر للسفر قبل العقد عليها، ولا يخفى عليك قلب مثلي في هذه الحال.»
قال: «نعم. ماذا تريد مني؟ هل تريد أن أوقف نفسي لخدمتها؟»
قال: «كلا فإنها في بيت أبيها ولكنني قليل الثقة بمن حولها.»
قال: «من هي الفتاة ومن هو أبوها؟»
فوجم حسن برهة ثم قال: «إذا لم يكن بد من معرفتك اسمها - ولا أرى بدا من ذلك - فأخبرك أنها سمية ابنة عرفجة الثقفي.»
نامعلوم صفحہ