فقال حسن: «لا أريد شيئا ولا رغبة لي في النجاة، إلا إذا نجت سمية معي.»
فقال عبد الله: «وما حيلة الحر الأعزل يا مولاي إذا وقع بين أيدي من لا يتورعون عن قتله ظلما وعدوانا، مستعينين بكثرة عددهم وعدتهم؟! أيسلم نفسه لهم طوعا، أم يحاول الخلاص من أيديهم بأي وسيلة؟»
قال: «أتريد أن أفر من المعسكر وحدي وأترك سمية في بيت الحجاج؟ وهل تحسب أن حياتي بعيدا عن سمية مما أحرص عليه؟»
فقال عبد الله: «لا يا مولاي، لست أعني أن تخرج وحدك، وإنما أعني البحث عن وسيلة تخرج بها أنت وسمية معا. ولا عار في الفرار من وحش كاسر لا يعرف الحق ولا يراعي العدل.»
فسكت حسن، واستأنف عبد الله الكلام فقال: «سأذهب غدا إلى خباء النساء لاستطلاع الأمر، ثم أعود إليك بما يستقر عليه الرأي. فدع القنوط وكل واشرب حتى يأتي الله بالفرج.» ثم ودعه وخرج .
وشعر حسن بالارتياح وأعجب بغيرة عبد الله وصدق مودته، ثم مكث في اليوم التالي ينتظر رجوعه.
وكانت سمية قد واعدت عبد الله على الخروج معه في مساء الأمس، ثم سمعت خبر القبض على حسن والرجوع به إلى المعسكر، وسجنه، وما لبثت أن رأت الجند قد أحدقوا بخبائها ومعهم السلاح، فأيقنت أن الحجاج اطلع على سر قدوم حسن إلى معسكره فتحققت وقوعها في الخطر، ودعت إليها أمة الله جاريتها، وكانت هي التي أخبرتها بسجن حسن، فجاءت وهي تظهر عدم المبالاة، فقالت لها سمية: «هل رأيت الجند المحدقين بنا إحداقهم بالقتلة المجرمين؟»
قالت: «رأيتهم. ولكن ما لنا ولهم؟»
فقالت سمية: «أتتجاهلين يا أمة الله؟ ألا ترين أنهم سجنوني كما سجنوه؟ وهل تشكين في أن ذلك العاتي قد اطلع على ما بيني وبين حسن فلم يبق إلا أن يفتك بنا؟!»
قالت: «لا أظنه يفتك بك.»
نامعلوم صفحہ